كارلا بطرس لـ«الشرق الأوسط»: لا أعرف أن أمثّل
بعد «الثمن» و«دهب بنت الأوتيل» تطل في فيلم «ويك إند»
ينتظرها محبوها بشوق في كل مرة تطل بها عبر الشاشة الصغيرة. فكارلا بطرس لا تكثر من إطلالاتها الدرامية وتحب اختيارها بدقة، لا سيما وأن مسؤولياتها كأم وربة عائلة تأخذ الكثير من وقتها. أخيراً، قدمت كارلا دور الخادمة صباح في مسلسل «دهب بنت الأوتيل». كما أطلت في مسلسل «الثمن» بشخصية المرأة الرزينة. أما في فيلم «ويك إند» الذي انطلق في الصالات اللبنانية، فتقدم شخصية سمر. وهو دور محوري نابع من قصة حقيقية، تؤديه بطرس بعفوية وكأنها صاحبة القصة.
وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «سعيدة بالأدوار التي اخترتها، والتي تختلف عن بعضها فلا يسكنها التكرار. وكل شخصية قدمتها تركت عندي أثرها وحضرتها بشكل جيد كونها محورية وفاعلة في كل قصة».
وتشير بطرس إلى أنها تفضل القيام بأدوار صغيرة لا تتطلب منها الغياب كثيراً عن عائلتها. «عندي مسؤوليات كثيرة ضمن عائلتي، ولذلك أنتقي الدور الذي يخدمني».
تؤكد بطرس أنها تحب التنويع في أدوارها بحيث يحمل كل منها إيقاعه وميزته الخاصين به. أما السينما فهي تختلف عن الدراما، إذ لا يتخللها الضغوطات المطلوبة نفسها من الممثل. «هي تأخذ ساعات طويلة ولكنها تكون مركزة ومحدودة».
في فيلم «ويك إند» الذي يعرض حالياً في صالات السينما تعتبر بطرس القصة جديدة من نوعها. «إنها قصة حقيقية وضعها كاتبها ومخرجها سامي كوجان في إطار لا يخدش تقاليدنا ومجتمعنا. فكانت شركة الإنتاج (داي تو) ذكية في كيفية تناولها قصة تدور بين الابنة وزوجة أبيها. فهذه الأدوار التي تترك علامة استفهام عند المشاهد أحبها. ولطالما تنبهت لأن تكون أدواري تبررها خطوط الشخصية».
تواكب بطرس العنصر الشبابي إن بصناعة السينما أو بأعمال الدراما، فتحضر بأدائها الناضج لتلون مشهدية شبابية تطغى على العمل. وتعلق لـ«الشرق الأوسط»: «يهمني مواكبته كي أستطيع الاستمرارية. وأحب هذا التنوع بالأعمار والثقافات لأنه ينعكس علي إيجاباً من نواحٍ عدة».
كارلا التي طالبت الكتّاب من فترة بتناول موضوعات درامية تحاكي المرأة في منتصف العمر لقيت مرادها مؤخراً. «هذا هو الأصول ونلاحظ العالم الغربي يعطي مساحة لا يستهان بها لهذه المرحلة العمرية. ففي هذا السن تتبدل مفاهيم الرجل والمرأة معاً، وأحياناً تنقلب حياتهما بسبب قرارات يتخذانها انطلاقاً من هذا التغيير. فالقصص كثيرة وجميلة عن هذا السن، وكما نلاحظ اليوم بات للممثلين بهذا السن مساحة أكبر لهم. وهذا قد يسهم في لفت الشباب والتعرف إلى مشكلات قد تواجههم في المستقبل».
في مسلسل «دهب بنت الأوتيل» جسدت شخصية الخادمة صباح (الشرق الأوسط)
تحب بطرس أن تلفت النظر إلى أهمية وجود كاتبة وراء أعمال تحكي عن المرأة في منتصف العمر. «لأنها تتفهمها بشكل أفضل وتحس بمشاعرها كونها امرأة، فتزودنا بالأحاسيس المطلوبة كي يبرز الدور ويأتي ناضجاً».
في قصة «ويك إند» تؤدي بطرس دور سمر التي تقع هي وابنة زوجها في حب الرجل نفسه. «الموضوع دقيق كما ترين كما أن الكاتب تركه غامضاً حتى اللحظات الأخيرة. وعندما قرأت الدور ناقشته مع بناتي، فأنا أحب الاطلاع على آرائهن في كل شخصية أتقمصها. فهن يزودني بالثقة وفي الوقت نفسه هن ناقدات يعرفن كيف يحللن الدور وأنا مستمعة جيدة لهن».
الصعوبة التي واجهتها في دور سمر تكمن في السير بين النقاط بحيث لا يحمل المبالغة ولا الاستخفاف. وتتابع بطرس: «يغيب التدرج عن المشاعر التي تنتاب سمر، إذ كان علي أن ألملم نفسي بين لحظة وأخرى كي أنتقل من الدراما إلى الكوميديا. فالفيلم ترفيهي بالنهاية، ولكنه في الوقت نفسه فيه أحداث درامية لا يمكن أخذها إلى التهريج. من هنا كانت صعوبة الدور».
خلال مشاهدتك الفيلم تشعر وكأن شخصية سمر تشبه تلك التي تتمتع بها بطرس في حياتها اليومية. «الأمر صحيح وهو ما لم يتطلب مني الجهد الكثير كي أتقمصه. حتى بشكلها الخارجي كانت سمر تشبهني وهو ما سهل علي الأمر».
ولكن في دور صباح في مسلسل «دهب بنت الأوتيل» الأمر كان مختلفاً. «أولاً الدراما هي غير السينما ودور صباح تطلب مني جهداً. فالأجواء بأكملها في هذا العمل كانت جديدة علي. فهو تلون بجنسيات ممثلين من مختلف الدول العربية، فتطلبت مني الكثير من التركيز إذ كانت تحضر هذه الجنسيات مجتمعة في مشهد واحد. ولأنني كنت أقوم بتجربة جديدة من هذا النوع أدركت أن التناغم مطلوب بيننا. لذلك كان من الضروري أن تكون أحاسيسي مشبعة بالتلقائية».
الأدوار الثلاثة التي لعبتها كارلا وقدمتها بين مسلسلي «الثمن» و«دهب» ولحق بهما دور سمر في «ويك إند» استمتعت بها، كما تقول. فهي جاءت وراء بعضها وعلى التوالي فكانت سعيدة بأن يشاهدها الناس بشخصيات غير متكررة. تبدي بطرس رأيها بالدراما العربية اليوم وبأنها سعيدة كون هذه الأعمال تطورت وتندرج على لائحة الدراما الهادفة. أما السينما فترى أن سوقها لا تزال صغيرة في لبنان، وتتمنى أن تحقق قريباً توسعاً أكبر. «فأن تصبح هذه الصناعة مشتركة كما الدراما، لا بد أن يحدث التغيير والنجاح معاً».
تبحث اليوم بطرس عن أدوار لشخصيات حقيقية صعبة ومركبة. «هي أدوار تراودني منذ زمن بحيث تحكي عن أشخاص من نفس عمري، فأستطيع معها أن أوصل أحاسيسي الحقيقية للناس. كما أن المشاهد يتوق أيضاً إلى هذه الشخصيات الحقيقية ومن واقعنا. كما أن دور الفنانة التي عاشت الأمجاد وتقبع اليوم في المنزل هو من أكثر الأدوار التي أبحث عنها. قد يخاف بعض الكتاب تناول قصص حياة واقعية لأنها قد توقعهم في المحظور. ولكن في استطاعتنا باللعبة الدرامية أن نجري عليها بعض التغييرات بحيث لا تمس بمشاعر أحد».
كل هذه الأدوار من فنية وسياسية تتعلق بشخصيات حقيقية تفتش عنها بطرس كما أنها تملك الكثير من الأفكار الدرامية في ذهنها. «عندي الكثير منها في رأسي، فنحن أيضاً كممثلين يطلع على بالنا أدوار معينة. فأنا لا أعرف أن أمثل بل أن أعيش الدور من دون جهد كبير. ولذلك على المخرج أن يكون ذكياً في التقاط هذه النقطة. في (ويك إند) كنت أوقف التمثيل مرات وأقول للمخرج (أشعر بأني أكذب وأمثل). فأهم شيء يحصل بين الممثل والمخرج هذا التناغم الذي يشبه لعبة (البينغ بونغ). فيثمر نتائج جيدة يلحظها المشاهد بسرعة».
قربياً تطل كارلا بطرس في مسلسل خليجي بعنوان «حياة لا تشبهني» بدور امرأة لبنانية متزوجة من رجل إماراتي. «أحببت التجربة كثيراً لا سيما أني كنت اللبنانية الوحيدة فيها. وسعدت في التعامل مع طاقم خليجي بدءاً من المخرج عبد الله التركماني وبمشاركة عدد من الممثلين الخليجيين وبينهم هبة الدري».