لبنان على شفير الانفجار.. حرائق في المصارف وبورصة في المتاجر
بوادر انفجار شعبي
دفع هذا الانهيار الكبير للعملة، برئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة لبحث الأوضاع النقدية، مع وزير المالية ووزير الاقتصاد وحاكم مصرف لبنان وأركان القطاع النفطي، مبقيا اجتماعاته مفتوحة في محاولة لتدارك تفاقم الأمور إلى نقطة اللاعودة، خاصة مع بروز ملامح انفجار شعبي ظهرت بوادره اليوم في الشارع، مع إحراق عدد من المواطنين الغاضبين بعض فروع المصارف التي تنفذ إضراباً مفتوحاً منذ 10 أيام.
وتغلق المصارف اللبنانية أبوابها اعتراضاً على قرارات قضائية صدرت ضدها وتصفها بالتعسفية، كان آخرها اتهام أحد أكبر المصارف اللبنانية بتبييض الأموال.
موجة تخل عن الليرة اللبنانية
وسط هذا الوضع بدأت موجة تخلي اللبنانيين من أفراد وتجار عن أموالهم بالليرة اللبنانية تتوسع مع اعتبارها عملة غير مرغوب فيها، خوفاً من تراجعها إلى مستويات لا تخطر على بال أحد، وهذا ما يستغله المضاربون في السوق السوداء، مع تهافت الناس على شراء الدولار الأميركي بأي سعر، في الوقت الذي تعالت فيه صرخات أصحاب المتاجر وتجار المحروقات، من الخسائر التي يتكبدونها من جراء تسعير منتجاتهم بالعملة اللبنانية، حيث تتغير الأسعار على مدار الدقائق كأسهم البورصة، خصوصاً أن لبنان يستورد حوالي 98 بالمئة مما يستهلك من مواد غذائية ومحروقات.
التسعير في السوبرماركت بالدولار
وموضوع التسعير بالدولار الأميركي كان مدار بحث في الاجتماعات الطارئة التي عقدها اليوم رئيس الحكومة اللبنانية والوزراء المختصون، حيث تم الاتفاق على السماح للتجار بالتسعير بالدولار الأميركي، على أن يكون الدفع بالليرة اللبنانية وفقا لسعر الصرف في السوق السوداء، وهو قرار كان قد اتخذ قبل أسابيع ولكن تم إيقافه في اللحظات الأخيرة، نتيجة اعتراض الاتحاد العمالي العام. أما بالنسبة للمحروقات فقد تم الاتفاق على صيغة جديدة للتسعير، تحد من الخسائر التي يتعرض لها القطاع.
وتيرة متسارعة للانهيار
يقول الباحث في الشؤون الماليّة والاقتصاديّة، البروفسور مارون خاطر، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن ما نشهده في لبنان حاليا من تفلت في سعر الصرف كان متوقعاً بالشكل، ولكن المفاجأة كانت في الوتيرة المتسارعة للانهيار، مشيراً إلى أن انسداد الأفق السياسي في البلاد، وتوقف التدفقات النَّقديَّة بالإضافة إلى التهريب والتهرُّب، عوامل من ضمن أخرى ساهمت في الوضع الذي وصلنا إليه اليوم.
وبحسب خاطر فإن إعلان المصارف الإضراب المفتوح، وإصرارها على المضي قدماً في هذا القرار، تسبب في الاحتقان وزاد من المزاج السيئ في الأسواق، ما انعكس غضباً في الشارع، وحفّز الطلب على الدولار في السوق السوداء، من جميع الجهات كتجار وأفراد، معتبراً أن كل انهيار للعملة اللبنانية يلقي بثقله على المواطنين العاديين ممن لا يملكون دولارات، في حين تراجعت القدرة الشرائية بشكل مخيف حتى للذين يمتلكون الدولار الأميركي، ما يدل على أن الانهيار الذي يعاني منه لبنان هو بنيوي وليس فقط نقديا.
وقاحة غير مبررة
وكشف خاطر أن هجوم بعض المواطنين اليوم وإضرامهم النار في فروع المصارف، هو استكمال لتحركات خجولة حصلت سابقاً، مشيراً إلى أن مشهد اليوم شجع عليه السقف المرتفع الذي اتخذته المصارف بعدم التراجع عن الإضراب المفتوح، إضافة الى تلويحها بتشديد إجراءاتها وتوقيف جميع خدماتها، حتى تلك المتعلقة بمنع الرواتب والسحوبات عبر الصرافات الآلية، وهو ما يعتبره المودعون وقاحة غير مبررة.
ورأى خاطر أن تسعير متاجر السوبرماركت بالدولار الأميركي، هو اعتراف بأن أمد الأزمة سيكون طويلاً وتكريساً للتخبط الذي تشهده البلاد، ومؤشراً على أن لا حلول قريبة، ليس فقط في الاقتصاد بل في السياسة لأن المشكلة في لبنان ليست مشكلة اقتصادية بل سياسية ذات تبعات اقتصادية.
تطبيق إلكتروني لأسعار المحروقات
من جهته قال ممثل موزعي المحروقات في لبنان، فادي أبو شقرا، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه لن يتم تسعير المحروقات في لبنان بالدولار الأميركي، بل تم الاتفاق على اعتماد تطبيق إلكتروني جديد، كمرجع لتحديد سعر بيع المحروقات بالليرة اللبنانية، على أن يتم تحديث الأسعار على مدار الساعة لمواكبة التغييرات التي يشهدها سعر الصرف.
وبحسب أبو شقرا فإن هذا القرار تم التوصل إليه خلال اجتماع عقد اليوم مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وشخصيات من قطاع النفط، حيث تم رفض فكرة تسديد المواطنين لثمن المحروقات بالدولار الأميركي، نظراً لعدم قدرة فئة كبيرة من اللبنانيين على تأمين مصدر للحصول على الدولار، في حين أن هناك فئة قليلة تتلقى تحويلات مالية بالعملات الصعبة من أقاربها في الخارج إضافة إلى من يتلقون رواتبهم بالدولار وهم قلة.