مع ارتفاع وانخفاض مستويات المياه، تتوسع وتتقلص الموائل المختلفة على الجرف القاري وفي البحار الضحلة، مما يوفر فرصا للكائنات الحية لتزدهر أو تموت.
النظرية العلمية الجيولوجية السائدة تقول إن الغلاف الصخري للأرض يتكون من عدد من الصفائح التكتونية، حيث يوجد 7 أو 8 صفائح كبرى إضافة إلى العديد من الصفائح الصغرى التي كانت تتحرك ببطء منذ حوالي 3.4 مليارات سنة.
وتحدث الزلازل والبراكين وتتشكل الجبال والخنادق المحيطية على حدود الصفائح التكتونية، وتنقسم إلى غلاف صخري محيطي وغلاف صخري قاري أكثر سمكا، يعلو كلا منهما قشرة أرضية خاصة بكليهما.
دورة جيولوجية
وعلى طول الحدود التقاربية للصفائح التكتونية تغطس الصفائح إلى وشاح الأرض وتُعوض المادة المفقودة بتكوين قشرة محيطية جديدة عند الحدود التباعدية الناتجة عن تمدد قاع البحر، وبهذه الطريقة تبقى مساحة الكرة الأرضية الكلية ثابتة.
وبدراسة حركات الصفائح التكتونية وجد العلماء أن الحركة في تلك الصفائح تؤدي بشكل غير مباشر إلى اندفاعات من التنوع البيولوجي في دورات تبلغ 36 مليون سنة، عن طريق إجبار مستويات سطح البحر على الارتفاع والانخفاض.
وفي البحث الجديد الذي نشر في دورية “بروسيدينجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسيز” PNAS يقول الباحثون بقيادة الأستاذ المساعد صلاح بوليلة من جامعة السوربون Sorbonne University في باريس إنه مع ارتفاع وانخفاض مستويات المياه، تتوسع وتتقلص الموائل المختلفة على الجرف القاري وفي البحار الضحلة، مما يوفر فرصا للكائنات الحية لتزدهر أو تموت، ومن خلال دراسة السجل الأحفوري أظهر العلماء أن هذه التحولات تؤدي إلى ظهور دفعات من الحياة الجديدة.
تنوع بيولوجي مدفوع بحركة الصفائح
يقول البروفيسور ديتمار مولر، المؤلف المشارك في الدراسة من كلية علوم الأرض بجامعة سيدني University of Sydney في البيان الصحفي الذي نشرته يوريك ألرت Eurek Alert في العاشر من يوليو/ تموز الجاري “من حيث الحركة التكتونية، تشير الدورة التي تبلغ 36 مليون سنة إلى تغيرات بين انتشار قاع البحر بشكل أسرع وأبطأ، مما يؤدي إلى تغيرات دورية في عمق الأحواض المحيطية وفي النقل التكتوني للمياه إلى أعماق الأرض، والتي أدت بدورها إلى تقلبات في الفيضانات وجفاف القارات، مع فترات من البحار الضحلة الواسعة التي تعزز التنوع البيولوجي”.
ويذكر تقرير موقع ساينس ألرت العلمي أن النظرة الفاحصة على سجل الحفريات تظهر أن التنوع البيولوجي ليس طفيفا وثابتا، بل يتقلب بشكل كبير على مقاييس تبلغ عشرات الملايين من السنين، تتخللها أحداث انقراض وظهور أنواع جديدة، لكن لم يكن الدافع وراء هذه التغييرات واضحا، وما إذا كان كل حدث فريدا في حد ذاته أو ما إذا كانت هناك آلية أساسية تربط بين هذه التغييرات.
ولكشف هذا الغموض، قام البروفيسور بوليلة وفريقه بتحليل شاق لمجموعات من البيانات الجيولوجية المتعددة على مدى 250 مليون سنة مضت، جنبا إلى جنب مع المحاكاة الحاسوبية والنمذجة.
دورات متشابهة
يشير البروفيسور مولر إلى أن “هذا العمل أصبح ممكنا من خلال جي بلايتس GPlates -برنامج الصفائح التكتونية- الذي طورته مجموعة “إيرث بايت” EarthByte في جامعة سيدني، بدعم من إستراتيجية البنية التحتية للبحوث التعاونية الوطنية الأسترالية (NCRIS) عبر أوسكوب AuScope.”
استند الفريق في النتائج التي توصلوا إليها إلى اكتشاف دورات متشابهة بشكل لافت للنظر في التغيرات في مستوى سطح البحر، والآليات الداخلية للأرض، وسجلات الأحافير البحرية، ويوجد لدى العلماء الآن أدلة دامغة على أن الدورات التكتونية وتغير مستوى سطح البحر العالمي مدفوعا بديناميات الأرض قد لعبت دورا حاسما في تشكيل التنوع البيولوجي للحياة البحرية على مدى ملايين السنين.
ويعلق البروفيسور مولر قائلا “هذا البحث يتحدى الأفكار السابقة حول سبب تغير الأنواع على مدى فترات طويلة”.
تدوير الصفائح التكتونية ودوافع أخرى
يشرح البروفيسور مولر: “تبلغ مدة الدورات 36 مليون سنة بسبب الأنماط المنتظمة في الكيفية التي يعاد بها تدوير الصفائح التكتونية إلى داخل الوشاح الأرضي، الجزء المتحرك في عمق الأرض، كالحساء الساخن والكثيف في وعاء ويتحرك ببطء”.
ويذكر مولر أن تكوين وينتون الطباشيري في كوينزلاند Cretaceous Winton Formation in Queensland يعد مثالا لكيفية تأثير التغيرات في مستوى سطح البحر على النظم البيئية وتأثيرها على التنوع البيولوجي في أستراليا.
ويوفر التكوين -المشهور بمجموعته من الأحافير- نافذة ثمينة في وقت غُمرت فيه معظم القارة الأسترالية، ومع ارتفاع مستويات سطح البحر وهبوطها تسبب فيضان القارة في اتساع وتقلص فترات الاستراحة البيئية في البحار الضحلة، مما وفر موائل فريدة لمجموعة واسعة من الأنواع.
وقال البروفيسور مولر “يعتبر تكوين وينتون الطباشيري دليلا على التأثير العميق لهذه التغيرات في مستوى سطح البحر، حيث يقدم لقطة للوقت الذي تغيرت فيه المناظر الطبيعية في أستراليا وجابت فيه مخلوقات رائعة الأرض”.
ويقول العلماء إن هناك محفزات أخرى عبر تاريخ الأرض يمكن أن تدفع التنوع البيولوجي أيضا، فعلى سبيل المثال وجد الفريق دليلا على دورة التنوع البيولوجي البالغة 62 مليون سنة، التي يقول الباحثون إنها قد تكون مدفوعة بالتغيرات في مستويات ثاني أكسيد الكربون، لكن هذا الافتراض يحتاج إلى مزيد من التحقيق.
المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.