رغم التضخم والزلازل والمنافسة الشرسة، ها هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يفوز بولاية ثالثة في انتخابات توقعت استطلاعات الرأي الغربية أنه سيخسرها منذ الجولة الأولى، فكيف علقت الصحف الأجنبية على هذا الفوز؟
بعد أن كذّب كل التوقعات حول احتمال انتهاء حكمه، ها هو أردوغان يفوز بولاية ثالثة من 5 سنوات، من المتوقع أن يتمتع خلالها بسلطات غير محدودة تقريبًا، حسب ما علقت به صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية.
ولا ترى صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) الأميركية أي مؤشرات تذكر على أن أردوغان يعتزم تغيير مساره في الداخل حيث يواجه أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، ولا في السياسة الخارجية حيث أثار حفيظة الحلفاء الغربيين.
وعلى كل حال، فإن سليم كورو المحلل في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في تركيا ينبه في الصحيفة نفسها إلى أن “أردوغان لديه رؤية واضحة لما يريده للبلاد، ولديه هذه الرؤية منذ كان صغيرًا جدا، وما يعجب الناس فيه هو أنه لم يتنازل عن ذلك”.
وهذا ما دفع الكاتبة هالة قضماني إلى وصفه في صحيفة “ليبراسيون” (Liberation) الفرنسية “بالخارق”؛ فحتى إن اتهمه كثيرون بتقلب المواقف فإن “ناخبيه يتبعونه في تحولاته، ومع كل حملة انتخابية يفرض أفكاره ويتكيف مع مزاج جمهوره”.
أما عن تسييره المرتقب لتركيا، فإن “ذي إندبندنت” (The Independent) البريطانية ترى أن “أردوغان هو وحده الذي يعرف خططه لمستقبل تركيا، وهذه هي المشكلة”، حسب ما جاء في تقرير لمبعوثها للشؤون الخارجية بورزو دراغاهي الذي يرى أن انتخاب أردوغان “من شأنه تمديد حكمه الاستبدادي بشكل متزايد إلى ربع قرن”.
لكن صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية تنصح الغرب قائلة “سيتعين على الغربيين الاستمرار في الاعتماد على هذا الشريك الذي لا يمكن التنبؤ به وعلى هذا الرجل رجب طيب أردوغان الذي يترك انطباعا بأن هذه ستكون ولايته الأخيرة في الرئاسة”.
فالغرب واقع بين الخوف والرجاء مع تمديد حكم أردوغان، حسب صحيفة “غارديان” (Guardian) البريطانية إذ ينبه محررها للشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور إلى أن العواصم الغربية ظلت صامتة خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في تركيا، على أمل أن ينتهي حكم أردوغان غير المنسجم وذلك ما لم يتحقق.
وهنا لفت وينتور إلى أن القضية العاجلة لدى الغربيين هي منع أردوغان من الوقوع في حضن فلاديمير بوتين، ويرى أن قلة من الدبلوماسيين الغربيين متفائلون بذلك.
ولفت الكاتب إلى أن الاختبار الأول لأردوغان سيكون في قمة الناتو المرتقبة في فيلنيوس حيث سيُطلب منه رفع حق النقض التركي على عضوية الناتو في السويد.
لكن تركيا، ببساطة، ليست مستعدة لفرض عقوبات على روسيا، وواشنطن ليست على استعداد لفرض عقوبات ثانوية على تركيا، خشية أن يدفع ذلك أردوغان إلى أحضان بوتين أكثر فأكثر، وفقا للكاتب.
وعلى عكس ما ذهب إليه وينتور، يؤكد جيمس كريسب محرر الشؤون الأوروبية بصحيفة “ديلي تلغراف” (Daily Telegraph) أن أوروبا تنفست الصعداء مع بقاء أردوغان في السلطة في تركيا.
ويشير إلى أنهم قد لا يعترفون بذلك، لكن معظم القادة في أوروبا يشعرون براحة أكبر عندما تحافظ تركيا على بعدها عن الاتحاد الأوروبي.
ويلفت إلى ان تلك الدول وعدت المرشح المهزوم كمال كليجدار أوغلو بإعادة تركيا نحو الغرب، إذا أطاح “بالحاكم المستبد القديم”.
غير أن الكاتب أكد أنه قد يكون من المستحيل الإعجاب بأردوغان، لكن لا بد من الاعتراف بأنه جعل من نفسه قائدا مفيدًا جدا.
أما إسرائيل فإن صحيفة “جيروزاليم بوست” (Jerusalem Post) أوصتها في افتتاحيتها باحترام أردوغان والحذر منه في الوقت نفسه.
وأوضحت أن احترام أردوغان يفرضه كونه رئيس دولة كبيرة وفخورة وقوية ومهمة في المنطقة، لكن ينبغي توخّي الحذر، إذ إن “أردوغان الذي تقابلونه اليوم قد لا يكون أردوغان الذي ستقابلونه غدًا”.
وضربت الصحيفة أمثلة عدة على التغير المطرد في سياسة أردوغان؛ من انتقال الزعيم التركي من السعي للحصول على العضوية في الاتحاد الأوروبي وتنفيذ الإصلاحات التي فوضها الاتحاد الأوروبي إلى انتقاد هذا الاتحاد وتنفيذ سياسات قد تلحق الضرر به.
كما انتقل من اتباع سياسة التعامل مع الأكراد في البداية إلى تبنّي نهج متشدد تجاههم، وانتقل من سياسة “صفر مشاكل مع الجيران” المعلنة إلى واقع كانت فيه تركيا على خلاف شديد مع جميع جيرانها تقريبًا القريبين والبعيدين، وفقا لجيروزاليم بوست.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.