نعى اليوم الجمعة أقارب وزملاء الخمسة الذين توفوا إثر تحطم غواصة استكشافية شمالي المحيط الأطلسي خلال رحلة هبوط عميقة إلى موقع حطام السفينة تيتانيك، مما أثار تساؤلات الخبراء عن جدوى الذهاب إلى هناك وقواعد السلامة لمثل تلك المغامرات.
وأمس الخميس، رصدت مركبة غطس آلية -أرسلتها سفينة كندية في إطار جهود إنقاذ دولية- حطام الغواصة تيتان المفقودة منذ الأحد الماضي.
وقال الأدميرال في خفر السواحل الأميركي جون موجر إن بقايا الغواصة تيتان -التي فقدت الاتصال مع سفينة الدعم بعد مضي نحو ساعة و45 دقيقة بينما كان ينبغي أن تكون رحلة الهبوط لمدة ساعتين- رُصدت في قاع البحر على بعد نحو 488 مترا من مقدمة حطام السفينة تيتانيك، وعلى عمق 4 كيلومترات من سطح الماء.
وأضاف في حديثه للصحفيين -أمس الخميس- أن طبيعة الحطام تشير إلى وقوع “انفجار داخلي كارثي”.
والخمسة الذين توفوا هم ستوكتون راش مؤسس شركة “أوشن غيت إكسبيدشنز” المشغلة للغواصة، ورئيسها التنفيذي الذي كان يقود الغواصة أيضا، والملياردير والمستكشف البريطاني هيميش هاردينغ (58 عاما)، ورجل الأعمال من أصل باكستاني شاه زاده داوود (48 عاما) وابنه سليمان (19 عاما)، والاثنان مواطنان بريطانيان، والمستكشف وعالم المحيطات الفرنسي بول هنري نارجوليه (77 عاما).
وتبلغ تكلفة الرحلة السياحية الاستكشافية إلى حطام تيتانيك، التي تنظمها أوشن غيت منذ 2021، 250 ألف دولار للشخص الواحد، وذلك حسب الموقع الإلكتروني للشركة.
وقالت شركة أوشن غيت “هؤلاء الرجال كانوا مستكشفين حقيقيين يتشاركون روح المغامرة المميزة، والشغف الشديد باستكشاف محيطات العالم وحمايتها… قلوبنا مع هذه النفوس الخمسة ومع كل فرد من أفراد أسرهم خلال هذا الوقت المأساوي”.
وقالت منظمة بريتيش إيغان تراست -في بيان- نيابة عن عائلة داوود “بحزن بالغ، ننعى هذه الخسارة المأساوية لشاه زاده وابنه المحبوب سليمان، اللذين انطلقا في رحلة لزيارة حطام تيتانيك الأسطورية في عمق المحيط الأطلسي”.
كما أصدرت جامعة ستراثكلايد في أسكتلندا، حيث درس سليمان داوود، بيان نعي.
وأشاد مستكشف تيتانيك البريطاني ديك بارتون بعمل صديقه نارجوليه، لكنه أشار إلى المشكلات التي أثيرت بشأن تصميم الغواصة وصيانتها.
وقال إن “الجميع حكيم بعد الحدث، ولكن كما كنا نسمع من قبل، لسوء الحظ كانت هناك عديد من الأمور التي تنذر بالسوء”.
وعام 2018، أثيرت أسئلة بشأن السلامة التي توفرها تيتان خلال ندوة لخبراء صناعة الغواصات، وفي دعوى قضائية رفعها رئيس العمليات البحرية السابق في أوشن غيت وتمت تسويتها في وقت لاحق من ذلك العام.
والتغطية الإعلامية العالمية المكثفة لعملية البحث خيمت إلى حد كبير على الاهتمام بتغطية تداعيات كارثة بحرية أكبر بكثير نجمت عن غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل اليونان الأسبوع الماضي، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص.
جهود دولية
وقضت فرق من الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وبريطانيا أياما في مسح آلاف الأميال المربعة من البحار المفتوحة بالطائرات والسفن بحثا عن أي علامة على تيتان.
وقال الأدميرال موجر إن من السابق لأوانه تحديد متى حدث ذلك لتيتان، وقال إن معدات رصد بالموجات الصوتية في مياه المنطقة منذ أكثر من 3 أيام لم ترصد صوت انفجار.
لكن موقع حقل الحطام -القريب نسبيا من السفينة تيتانيك- وتوقيت آخر اتصال مع الغواصة يشيران -على ما يبدو- إلى حدوث الكارثة بالقرب من نهاية رحلة الهبوط الأحد الماضي.
وأقرت البحرية الأميركية على نحو منفصل بأن تحليلا لبياناتها الصوتية كان قد كشف عن “حالة غريبة تتوافق مع انفجار داخلي أو خارجي” بالقرب من موقع الغواصة عندما فقدت الاتصال بسفينة الدعم.
وقال مسؤول كبير بالبحرية -في بيان كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) أول من نقلته- “رغم أن هذه المعلومات ليست نهائية، فإنه تمت مشاركتها على الفور” مع قادة مهمة البحث.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولي دفاع أميركيين لم تنشر أسماءهم أن الصوت التقطه نظام سري للغاية مصمم لاكتشاف غواصات العدو.
وفي مقابلة مع رويترز أمس الخميس، قال جيمس كاميرون مخرج فيلم تيتانيك، الذي غامر بنفسه وغاص إلى حطام السفينة، إنه علم بنتائج التحليلات الصوتية في غضون يوم واحد وعرف ما تعنيه.
وأردف قائلا “أرسلت رسائل بالبريد إلكتروني إلى كل شخص أعرفه، وقلت إننا فقدنا بعض الأصدقاء، انفجرت الغواصة من الداخل، إنها ترقد في صورة أجزاء بقاع البحر حاليا، أرسلت الرسالة صباح الاثنين”.
وقال ستيفان وليامز الأستاذ في مجال المركبات الآلية البحرية في جامعة سيدني “ربما تصدر دعوات لمزيد من القواعد التنظيمية وفهم أفضل لكيفية تصميم مثل تلك المركبات وتصنيعها واعتماد استخدامها في بيئات البحار العميقة”.
وقال العالم والصحفي مايكل جويلين الذي عاد سالما من رحلة استكشاف عام 2000 علقت في جزء من الحطام “سواء عثرنا على المركبة أو لم نعثر عليها، وحددنا الخطأ الذي وقع فيها، علينا أن نتوقف.. نتوقف، ونسأل هذا السؤال: لماذا نريد الذهاب لحطام تيتانيك وكيف نصل إلى هناك بأمان؟”، على حد قوله.
ويرقد حطام تيتانيك، التي ارتطمت بجبل جليدي وغرقت في أول رحلة لها عام 1912 متسببة في غرق أكثر من 1500، على بعد 1450 كيلومترا تقريبا شرقي مدينة كيب كود بولاية ماساشوستس الأميركية و640 كيلومترا جنوبي مدينة سانت جونز في مقاطعة نيوفاوندلاند في كندا.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.