بلاك ووتر شركة أميركية للخدمات الأمنية والعسكرية الخاصة. تقدم خدمات أمنية تعاقدية للحكومة الفدرالية الأميركية والعديد من الدول الأخرى، وكذلك المؤسسات الخاصة والحكومية داخل أميركا وخارجها، بعد موافقة حكومة الولايات المتحدة.
غيّرت اسمها إلى “إكس إي سيرفيسز” (Xe Services) بسبب ما لحقها من فضائح بعد الاحتلال الأميركي للعراق. وعادت في عام 2011، وغيرت اسمها مرة أخرى إلى “أكاديمي” (Academi) بعدما استحوذت عليها مجموعة شركات منافسة، ثم ضمت لمجموعة “كونستليس القابضة” (Constellis Holdings).
التأسيس
تأسست شركة أكاديمي (وكان اسمها بلاك ووتر) عام 1997 بولاية كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة الأميركية، وأنشأها إريك برانس، الذي كان ضابطا في مشاة البحرية الأميركية “المارينز”.
وبدأت تقديم خدماتها بصفتها شركة للأمن الخاص، وذلك من خلال توفير خدمات أمنية عسكرية خاصة للعديد من المؤسسات والمنظمات الأميركية وغير الأميركية، سواء داخل أميركا أو خارجها.
بعد سنة من تأسيسها، اشترى إريك برانس سنة 1998 مساحة أرضية شاسعة تقارب 28 كيلومترا مربعا على الحدود بين ولايتي كارولينا الشمالية وفيرجينيا، وبنى فيها منشأة خاصة للتدريب تابعة لشركته، واتخذها مقرا رئيسيا لها، وأطلق عليها اسم “بلاك ووتر”، والتي تعني “المياه السوداء”، ويقال إنه استوحى الاسم من المياه العكرة التي كانت محيطة بمنشأة التدريب.
افتتحت المنشأة التدريبية رسميا في 15 مايو/أيار عام 1998، وكانت حينئذ تضم بحيرة اصطناعية وميادين رماية ومضمار قيادة في مقاطعتي كامدن وكوريتوك، وتعتبر أكبر منشأة للتدريب في البلاد.
المقر
يوجد المقر الرئيسي لشركة بلاك ووتر “أكاديمي” في ولاية كارولاينا الشمالية بالولايات المتحدة الأميركية.
الموارد
تعتمد شركة “أكاديمي” في نشاطها على مرتزقة من المتقاعدين العسكريين والقوات الخاصة، الذين يقدر عددهم بنحو 21 ألف عنصر، يتقاضون أجورا عالية نظير خدماتهم.
وإضافة إلى ذلك لديها أسطول لطائرات مروحية ومدفعية ووحدة محمولة جوا خاصة بالتجسس، كما تمتلك أكبر موقع للرماية في الولايات المتحدة الأميركية.
أبرز المحطات
بعد سنتين من التأسيس، حصلت الشركة على أول عقد عمل لها مع الحكومة الأميركية، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2000، وذلك بعد محاولة تفجير حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس كول” (USS Cole) قبالة السواحل اليمنية.
قدمت بلاك ووتر في بدايتها، خدمات أمنية للعديد من المنظمات الأميركية، مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” (CIA)، كما كانت واحدة من بين عدة شركات أمنية خاصة وظفت بعد الغزو الأميركي لأفغانستان.
وكانت “أكاديمي” ضمن أكثر من 60 شركة أمنية خاصة تعاقدت معها الحكومة أثناء الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، من أجل حراسة المسؤولين والمنشآت، وتدريب الجيش والشرطة العراقية بعد الإطاحة بنظام صدام حسين.
وكان أول عقد عمل لها في العراق في صيف 2003، حينما فازت بصفقة بلغت قيمتها 21 مليون دولار من أجل توفير الأمن والحراسة للحاكم العسكري الأميركي في العراق آنذاك بول بريمر.
في السنة نفسها تلّقت “أكاديمي” عقود عمل من وزارة الأمن الداخلي الأميركية وبعض المؤسسات الخاصة، في أعقاب إعصار كاترينا الذي ضرب أميركا، لحماية المرافق الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، كشركات الاتصالات والبتروكيميائيات وشركات التأمين.
وجنت الشركة من وراء هذه العقود أكثر من مليار دولار أميركي، وكانت تتألف حينها من 9 أقسام وشركة أخرى تابعة لها تسمى “بلاك ووتر فيهاكلز” (Blackwater Vehicles).
وفي يوليوز/تموز عام 2004، حصلت أكاديمي على صفقة بقيمة 488 مليون دولار من وزارة الخارجية الأميركية، مقابل تقديم خدمات الأمن والحماية في العراق وأفغانستان والبوسنة وإسرائيل لمدة عامين، جنبا إلى جنب مع شركتي “داين كورب” الدولية و”تريبل كانوبي”، وذلك بموجب العقد الشامل لـ”خدمات الحماية الشخصية العالمية” (WPPS) التابع لمكتب الأمن الدبلوماسي الأميركي.
وفي مايو/أيار عام 2006، منحت وزارة الخارجية الأميركية لشركة “أكاديمي” وشركتي “داين كورب” الدولية و”تريبل كانوبي”، عقدا للأمن الدبلوماسي في العراق، وشملت مسؤوليات شركة “أكاديمي”، بموجب هذا العقد، حماية سفارة الولايات المتحدة في العراق.
وفي خريف عام 2006، حصلت “بلاك ووتر” على منشأة تدريب أخرى في جبل كارول إلينوي، غرب شيكاغو، وأطلقت عليه اسم مركز تدريب التأثير، يقدم خدمات لوكالات إنفاذ القانون على مستوى الغرب الأوسط لأميركا.
حاولت الشركة بناء منشأة قرب مقاطعة سان دييغو بكاليفورنيا، لكنها قوبلت بالرفض من طرف السكان المحليين والحكومة مخافة زيادة حرائق الغابات، نظرا لقرب المنشأة المقترحة من غابة كليفلاند الوطنية، إضافة إلى سوء سمعتها بعد الفضائح التي ارتكبتها في العراق وأفغانستان وباكستان. وفي السابع من مارس/أذار 2008، سحبت “أكاديمي” طلبها لإنشاء منشأة تدريب في مقاطعة سان دييغو.
من “بلاك ووتر” إلى “إكس سيرفيسز”
في فبراير/شباط 2009، أعلنت شركة “بلاك ووتر” عن تغيير اسمها إلى “إكس سيرفيسز”، بعد الفضائح التي لحقتها بسبب تجاوزاتها وممارساتها اللاإنسانية، وانتهاكاتها لحقوق المدنيين العراقيين إبان الاحتلال الأميركي للعراق. وركزت عملها على الجوانب اللوجستية والطيران والتدريب، بدلا من عملياتها الأمنية.
وبعد شهر تقريبا في الثاني من مارس/آذار 2009، أعلنت الشركة عن مجموعة من التغييرات في هيكلها وتركيبتها الإدارية، منها استقالة إريك برنس من منصب الرئيس التنفيذي واحتفاظه بمنصب رئيس مجلس الإدارة، لكنه لم يعد يشارك في الاجتماعات اليومية.
من “إكس سيرفيسز” إلى “أكاديمي”
في عام 2010، اشترت مجموعة “يو إس تي سي هولدنغ” (USTC Holdings)، شركة “إكس سيرفيسز”، ولم يعلن عن مبلغ الصفقة، لكن صحيفة واشنطن بوست قالت حينها إن المبلغ وصل 200 مليون دولار.
وغيرت الشركة اسمها بشكل رسمي عام 2011، إلى شركة “أكاديمي”، وتخلت عن مؤسسها إريك برنس وأنهت دوره داخل هياكلها، في حين ضم مجلس إدارة أكاديمي الجديد مجموعة من الشخصيات السياسية والعسكرية ورجال الأعمال.
وفي عام 2014، اندمجت شركتا “تربل” و”أكاديمي” مع الشركات الأخرى التي كانت جزءا من “مجموعة الأبراج” (Constellis Group) وأصبحت تحت ظلها.
مجزرة النسور
أقدم مجموعة من مرتزقة شركة “أكاديمي” (بلاك ووتر) في 16 سبتمبر/أيلول 2007، على قتل 17 مواطنا عراقيا وجرح عشرات آخرين في ساحة النسور، بالعاصمة العراقية بغداد، وأدين 4 عناصر من أعضائها بأحكام سجنية تراوحت بين المؤبد و30 سنة.
وقد حدثت هذه المذبحة بعدما أطلق عناصر “بلاك ووتر” النار على سيارة كانت تسير أمامهم، وهم يرافقون موكبا لمسؤولين من وزارة الخارجية الأميركية في طريقهم إلى اجتماع في غرب بغداد مع مسؤولي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وكان على متن السيارة رجل وزوجته وابنهما الصغير ذو التسع سنوات.
بعد هذه المجزرة، ألغت الحكومة العراقية ترخيص شركة “بلاك ووتر” للعمل في العراق في 17 سبتمبر/أيلول عام 2007.
وحاولت الحكومة الأميركية بعد ذلك إعادة الترخيص للشركة بالعمل في العراق في أبريل/نيسان عام 2008، لكن المسؤولين العراقيين أعلنوا في أوائل عام 2009 رفضهم تمديد هذا الترخيص.
العفو عن مجرمي النسور
أصدر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في 22 ديسمبر/كانون الأول عام 2020، عفوا عن عناصر “بلاك ووتر” الأربعة المتورطين في مذبحة ساحة النسور عام 2007، وهم نيكولاس سلاتن الذي أدين بتهمة القتل العمد والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة، بالإضافة إلى بول سلو وإيفان ليبرتي وداستن هيرد الذين أدينوا بتهمة القتل الخطأ وحكم عليهم بـ30 سنة سجنا نافذة (قضوا منها جميعا ما بين 12 و15 عاما في السجن)، وقد خلف هذا العفو استياء كبيرا لدى العراقيين.
وعلق خبراء حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة حينها على هذا العفو الذي أصدره دونالد ترامب بالقول إنه “ينتهك التزامات واشنطن بموجب القانون الدولي، ويقوّض بشكل أوسع القانون الإنساني وحقوق الإنسان على المستوى العالمي”.
من جانبه، صرح ترامب بعد هذا العفو قائلا “إن هؤلاء المحاربين القدامى كانوا يعملون في العراق في عام 2007 كموظفين أمنيين مسؤولين عن تأمين سلامة مسؤولي الولايات المتحدة”.
وتعتبر شركة “أكاديمي” واحدة من بين المئات من الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة التي تنشط على مستوى العالم، والتي تستغل الأزمات السياسية والأمنية في العديد من الدول لجني أرباح تقدر بمليارات الدولارات مقابل خدماتها الأمنية والعسكرية.
بعض الأنشطة التي تمارسها هذه الشركات منافية للقوانين الدولية، وتندرج في تنفيذ أجندات دول ومنظمات وأجهزة استخباراتية غالبا ما يكون هدفها هو زعزعة أمن واستقرار دول ومناطق خدمة لمصالحها الخاصة.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.