ما بين الفاعلية وفتح المساحات.. هل كان كريم بنزيما ظاهرة لموسمين فقط؟


أهلا بك، لِمَ لا نبدأ حديثنا ببعض المعلومات الخاطئة؟ مثل أن الحواس الخمس ليسوا كذلك، بل أكثر، أو أن الوطاويط ليست عمياء. نعلم أننا لم نضف جديدا حقا، لكن رجاء لا تستغرب عندما نخبرك أن ما قرأته للتو كان حقائق مثبتة وليست معلومات خاطئة؛ فبعض العلماء تحدثوا عن حواس أخرى، كالتوازن والإحساس بالألم والحرارة، ولدى الوطاويط أعين دقيقة ذات نظر حساس، ولكنهم لا يستطيعون الرؤية بها في وضح النهار كما أغلب الكائنات الحية. (1) (2)

كريم بنزيما لم يكن يوما “لاعب الموسمين”، يمكننا اعتبار ذلك حقيقة مثبتة أخرى. ربما معرفة ذلك لن تشكل فارقا؛ فلن تغير رأيك على الأغلب فيما تظنه عن كريم سلبا كان أو إيجابا، فإن كان رأيك إيجابيا، فسوف يبقى الحال على ما هو عليه، وإن كان العكس، فربما سترى ذلك ضربا من الجنون. ولكن حتى إن لم يكن رأيك إيجابيا، فلِمَ لا تعطي عقلك فرصة رؤية الصورة الكبرى؟

هناك عدد من الحلقات المفقودة عندما نتحدث عن كريم بنزيما، ويبدو الأمر كجريمة معقدة وتنقصها الكثير من الدلائل الملموسة كي تتجلى حقيقتها أمام الجميع؛ لم يحتج الأمر سوى النظر إلى بعض البديهيات المعلومة كي تتجلى حقيقة “الجريمة” التي ارتكبها البعض بحق مسيرة كريم بنزيما، التي كادت أن تُجهز عليها.

الآفة

كريم بنزيما من ريال مدريد يسجل الهدف الثاني لفريقه عندما حاول كيفن تراب من أينتراخت فرانكفورت أن يتصدى خلال نهائي كأس السوبر الأوروبي 2022، 10 أغسطس 2022. (غيتي)

حاوِل أن تغلق عينيك، وأن تتخيل نفسك في قصر كبير، به العديد من الغرف والدهاليز، وأنت فقط مَن يعرف خباياه، ويستطيع أن يتنقل بداخله بسلاسة ويسر، ولنقل إن كل غرفة في ذلك القصر تحمل بداخلها ذكرى معينة، وأنت مَن تختار أن تعين كل ذكرى لغرفة بعينها، كي تتمكن من تذكر ما تريد عندما تريد. (3)

تعرف هذه الطريقة بطريقة المواضع (Method of loci) كما سماها الإغريق، طريقة تتيح لك تذكُّر بعض التفاصيل الدقيقة التي غالبا ما ينساها العديد من الناس عن طريق المرور عليها بنمط ثابت في عقلك. إذن، هل ترغب في جولة بقصر ذكريات كريم بنزيما؟ (3)

لنمر أولا بذكرى حديثة، ذكرى سارّة نوعا ما. كان يوم أربعاء صيفي بمدينة هلسنكي بفنلندا، وكان الحدث هو السوبر الأوروبي أمام آينتراخت فرانكفورت الألماني، حينما سجل كريم هدف ريال مدريد الثاني في مرمى كيفن تراب، ليصبح الهدف رقم 324 في تاريخه مع ريال مدريد، الذي تخطى به راؤول غونزاليس، بوصفه ثاني أعلى هدافي الميرنغي عبر تاريخه. (4)

لا نظن أن البعض سيتذكر أن كريم فعل ذلك من تلقاء ذاته، بل قد يحتاج إلى مَن يُذكِّره بذلك. ربما كان الكاتب نجيب محفوظ ذا نظرة ثاقبة عندما قال إن “آفة حارتنا النسيان”. العبارة ذاتها قد تكون صحيحة إذا اعتبرنا سكان تلك الحارة من مشجعي كرة القدم.

الإغراء

دوما ما كان حلم بنزيما اللعب تحت أضواء السانتياغو بيرنابيو، وهذا ما جعل دفته تتجه نحو فلورنتينو بيريز، الذي بدوره كان يصب أعينه عليه. (رويترز)

لعشاق المفارقات؛ وصل بنزيما إلى هذا العدد من الأهداف مع ريال مدريد في عدد مباريات أقل من التي لعبها راؤول مع الميرنغي. احتاج بنزيما إلى 135 مباراة أقل ليفعل ذلك. ربما اتضحت الصورة نوعا ما الآن. لم تكن مشكلة كريم يوما في الإنهاء، ليس بما يقتضيه الأمر تقنيا على الأقل. يقول أنتوني مونييه، صديق طفولة بنزيما وزميله في نادي ليون، إن كريم لم يكن اللاعب المتفرد عن غيره، بل كان عاديا، ولكن ما تميز به حقا هو إنهاؤه للفرص. (5) (6)

“لقد لعبنا كل مبارياتنا في الأكاديمية تقريبا معا. كان لاعبا عاديا في سن الـ14، وسوف يقر بذلك بنفسه. ربما ما جعله يتميز عن البقية كان الإنهاء، لقد كان جيدا جدا ولم تحتج إلى تعليمه إياه. حينها في تلك السن، كان بعض الشباب متطورين جسديا عن غيرهم، وكان كريم نحيفا حينها، كان وزنه يعوقه”.

(أنتوني مونييه، صديق طفولة كريم بنزيما)

لنضع كلمات مونييه في الاعتبار، ولنتذكر موسم 2007-2008، وكان ذلك ثالث مواسم بنزيما بشكل أساسي مع ليون الفرنسي، ورابع مواسمه مع الفريق عموما، وذلك كان الموسم الذي سجل فيه بنزيما 20 هدفا في 36 مباراة بالدوري الفرنسي، وتُوِّج هدافا للدوري وتُوِّج فريقه بالبطولة أيضا، وسجل كريم حينها 31 هدفا في 52 مباراة عبر الموسم كاملا. نحن نتحدث عن لاعب كان قد تعدى الـ20 من عمره بقليل حينها، واستمر على المنوال ذاته في بقية مسيرته مع ليون، التي سجل فيها 66 هدفا وصنع 27 في 148 مباراة رسمية مع الفريق، وقاد الفريق فيها إلى 4 ألقاب للدوري الفرنسي. (5) (6) (7)

كان الواعد الفرنسي حينها مطمعا لمانشستر يونايتد وريال مدريد، ولكن دوما ما كان حلم بنزيما اللعب تحت أضواء السانتياغو بيرنابيو، وهذا ما جعل دفته تتجه نحو فلورنتينو بيريز، الذي بدوره كان يصب أعينه عليه، في مشهد وصفه بيريز بنفسه في تصريح لراديو مونت كارلو: “عندما تتحمس لشخص ما، مثل صديقتك الحميمة مثلا، فتحاول الوصول إليها، هذا ما حدث معي أنا وكريم”. (8)

الصدمة

لم يتكيف بنزيما جيدا في أول مواسمه مع الميرنغي، بسبب الظروف المغايرة، وبعد الموسم المخيب آنذاك، استبعد ريمون دومينيك، مدرب الديوك حينها، كريم من قائمة المنتخب لكأس العالم بجنوب أفريقيا. (رويترز)

“كانت الأشهر الست الأولى في موسمي الأول مع ريال مدريد صعبة، لأنني كنت وحيدا ولم أتقن اللغة الإسبانية. حللت ضيفا في عالم جديد ونوع مختلف من اللعب. لم أستسلم لحُسن الحظ”.

(كريم بنزيما)

ربما هنا علينا تذكيرك بأن بنزيما لم يسجل سوى 9 أهداف في 33 مباراة بجميع المسابقات في موسمه الأول مع ريال مدريد، وأنه لم يبدأ سوى نصف عدد المباريات التي لعبها في الليغا حينها. ليست البداية الأفضل بالتأكيد، لكن الأمر قد يكون أعقد مما تتصور. (6)

كما قال كريم؛ هو لم يتكيف جيدا في أول مواسمه مع الميرنغي، بسبب الظروف المغايرة من حيث اللغة والزملاء الجدد، وارتفاع المستوى عما كان عليه في ليون، هذه الأمور التي أدت إلى توتر تلك الشخصية الهادئة المنطوية إلى حدٍّ كبير، وبعد الموسم المخيب آنذاك، استبعد ريمون دومينيك، مدرب الديوك حينها، كريم من قائمة المنتخب لكأس العالم بجنوب أفريقيا. يمكنك تصور كيف أثّر ذلك على الرجل، لدرجة أن دومينيك سافر إلى إسبانيا لكي يخاطبه في الأمر. (8)

يتبادر إلى ذهنك الآن ما يمكن سرده بوصفه دلائل منطقية على حجة “أعجوبة الموسمين”، لكن هنا علينا أن نخبرك ببساطة بأن حصيلة بنزيما التهديفية منذ ذاك الموسم المخيب لم تقل عن 20 هدفا في الموسم الواحد في جميع البطولات فيما عدا موسمي 2016-2017 و2017-2018، بل إن في موسم 2011-2012، ساهم كريم في 51 هدفا في 54 مباراة لعبها مع الميرنغي في جميع البطولات حينها، مسجلا 32 هدفا وصانعا 19، ولم يتخطه حينها أي لاعب من ريال مدريد في عدد الأهداف المصنوعة في جميع البطولات سوى مسعود أوزيل. هذا أحد المواسم الـ12 الذي وُصِمَ بالفشل لكريم قبل انفجاره في الموسمين الأخيرين. (6)

لنترك القشور، ونتعمق في التفاصيل الأدق. عندما نتحدث عن صفوة المهاجمين في السنوات الأخيرة، فلا يسعنا سوى تذكر أسماء مثل هاري كاين وليفاندوفسكي وسواريز وأغويرو، وبالتأكيد زميل بنزيما في الفريق حتى 2018؛ كريستيانو رونالدو. طبعا لسنا بصدد مقارنة هنا، بقدر ما نرغب في صناعة مناسب للحكم بشكل أفضل على ما أنجزه كريم مع الميرنغي. إذا نظرنا إلى معدلات هؤلاء المهاجمين التهديفية، فجميعهم بلا استثناء يتفوقون على بنزيما مع فرقهم المختلفة، وهذا بديهي، فهم هدافون بالفطرة. (9)

في موسم 2015-2016، لم يسجل بنزيما فيه 24 هدفا فحسب في الليغا، بل إنه سجل هذا العدد من الأهداف دون أن يسدد أي ركلة جزاء! (رويترز)

لكن هناك مفارقة عجيبة هنا، وهي أن معدلات تسديدات بنزيما في مسيرته مع ريال مدريد لم تكن بالقدر ذاته كتلك الأسماء مع فرقها المختلفة في الفترة ذاتها على الأقل. إذا نظرنا إلى معدل تسديدات كريم لكل مباراة منذ موسم 2009-2010 حسب موقع “هوسكورد” (Whoscored)، فسنكتشف أن متوسطه لكل مباراة هو 3 تسديدات، بينما متوسط تسديدات كريستيانو رونالدو مثلا في الفترة ذاتها كان الضِّعْف. (10)

بحثا عن مقاربة مختلفة، يمكننا مقارنة عدد الأهداف إلى التسديدات (Goals/shot)، فهذا المؤشر يدلنا على مدى جودة الإنهاء لديه، وإن احتسبنا ذلك المعدل لبنزيما، فسنكتشف ألا أحد من هؤلاء المهاجمين -سوى روبرت ليفاندوفسكي (0.2)- يتعدى كريم في ذلك المعدل (0.184)، أي يمكننا القول إن كريم بنزيما يحتاج إلى معدل تسديدات أقل للوصول إلى عدد الأهداف ذاته الذي يحمله هؤلاء المهاجمون، رقميا على الأقل. (10)

علينا أيضا أن نلفت انتباهك لموسم آخر مميز لكريم بجانب 2011-2012، وهو موسم 2015-2016، الذي لم يسجل فيه 24 هدفا فحسب في الليغا، بل إنه سجل هذا العدد من الأهداف دون أن يسدد أي ركلة جزاء! لا ينتهي الأمر هنا؛ إن التفتنا إلى معدل الأهداف المتوقعة لبنزيما ذلك الموسم، فسنجده الأعلى في الليغا دون احتساب ركلات الجزاء بـ0.93 هدف متوقع لكل مباراة. لم يتخطَّ لاعب في الليغا ذلك المعدل في أي موسم من مواسم الليغا الـ9 الأخيرة سوى كريستيانو في موسم 2017-2018 (0.94)، وقد سجل 24 هدفا، أي 1.08 هدف لكل 90 دقيقة. (11)

هؤلاء ليسوا أقل شأنا أو جودة من بنزيما بالتأكيد، ولكن في الوقت ذاته، كريم لم يكن يوما بالسوء الذي يُوصف به منذ أن حط الرحال في ملعب السانتياغو برنابيو، ورغم وضع كريم في مرتبة أقل منهم، فهو لم يكن يوما كذلك، ربما لم يبدأ مسيرته كما أراد في ريال مدريد، ولكن منذ متى كانت الانطباعات الأولى صحيحة؟ ومنذ متى كانت البدايات الجديدة سهلة على الجميع؟ متى أصبح التأقلم على التغيير بسرعة قاعدة وما دونها استثناء؟

علة العبقري

“لا يمكن للاعب أساسي في ريال مدريد أن يكون بهذا السوء”.

(نويل لو غراييه، الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم الفرنسي)

أطلق لو غراييه تلك الكلمات الموجعة بحق كريم في أعقاب مباراة الديوك أمام جورجيا في عام 2013، في تصفيات كأس العالم بالبرازيل، التي انتهت بالتعادل السلبي حينها. أجرى ديشامب حينها تغييرين لا أكثر، أولهما كان خروج بنزيما لصالح أندريه جينياك، وكان الأمر حتميا نوعا ما في أعين ديشامب. قبيل ذلك التغيير، لم يسجل بنزيما مع المنتخب الفرنسي حينها لمدة طويلة؛ 1217 دقيقة، أكثر من 20 ساعة بقليل. (12)

ساعتها، تحدث آندي براسيل، الكاتب والناقد الإنجليزي على موقع “هوسكورد” (Whoscored) عن علة بنزيما في أحد تقاريره على الموقع. يقول براسيل إن بنزيما ليس اللاعب الذي ينتمي إلى منطقة الجزاء فقط، لا يميل إلى انتظار عرضية أو تمريرة بينية ويضع الكرة في الشباك فحسب، بل إن نطاق عمله أشمل من ذلك، فالأمر مع كريم يتعلق بأدوار معقدة يقوم بها في عدد من مراحل اللعب، كاللعب خارج منطقة الجزاء مع الأطراف والربط معهم للسماح للرجل الحر بالتحرك في المساحات التي تركها خلفه عند تراجعه للخلف. (13)

أدوار بنزيما خارج منطقة الجزاء من مباراة فالنسيا موسم 2019-2020 (مواقع التواصل)

ربما يكون الحديث عن الأدوار المركبة خارج المنطقة مملا ومكررا، ولكن هذا لا يعني أنه غير صحيح، ربما يعني فقط أن الكذبة استمرت لأكثر من اللازم، ودعنا نقف للحظة عند تاريخ تقرير براسيل؛ العاشر من سبتمبر/أيلول عام 2013. منذ 10 سنوات -وربما أكثر- ولم ينتهِ هذا السجال بعد.

الحديث نفسه لا يزال يتكرر، وربما تسلل ذاك الشعور إلى بنزيما، وكان أحد أسباب أدائه السيئ في موسمين متتاليين (2016-2017 و2017-2018)، إذ يُعَدُّ موسم 2017-2018 أسوأ مواسم كريم من حيث الفارق بين أهدافه المتوقعة (13.97) وما سجله بالفعل (5 أهداف)، ورغم أن الأمر لم يختلف حينما يتعلق الأمر بأدواره التكتيكية في الملعب، كاد يقضي الأمر على ما تبقى من مسيرته. (13) (14) (15)

أدوار بنزيما خارج منطقة الجزاء من مباراة أتلتيكو مدريد في موسم 2017-2018. (مواقع التواصل الاجتماعي)
أدوار بنزيما خارج منطقة الجزاء من مباراة أتلتيكو مدريد في موسم 2017-2018 (مواقع التواصل)
أدوار بنزيما خارج منطقة الجزاء في مباراة سيلتا فيغو في موسم 2021-2022  (The Athletic)

لإثبات ذلك، لننظر معا إلى إحصائية الـ”xG buildup”، التي تعبر عن معدل الأهداف المتوقعة التي نتجت عن مشاركة لاعب معين في مراحل الهجمة الأولية ما قبل صناعة الفرصة بشكل مباشر أو تسديد الكرة، التي يتفوق فيها بنزيما في المتوسط لكل 90 دقيقة (0.30) منذ موسم 2014-2015 على نظرائه من مهاجمي الصفوة الذين تحدثنا عنهم آنفا، ولا يعلوه سوى -للمفارقة- روبرتو فيرمينو (0.32)، والمفارقة هنا هي التقليل من شأن ما يفعله فيرمينو تكتيكيا للصالح العام للفريق، وتعرضه لانتقادات شبيهة للتي تعرض لها كريم. (14) (16)

يمكننا الحديث أيضا عن التصرفات التي تؤدي إلى تسديدات (Shot-creating actions)، وتعبر عن الأفعال الهجومية أو الدفاعية -مثل الضغط أو الافتكاك- التي تؤدي إلى خلق فرصة للفريق، وكان بنزيما من ضمن أفضل 10% من مهاجمي الليغا في تلك الإحصائية تحديدا في المواسم الست الأخيرة بداية من موسم 2017-2018، فيما عدا موسم 2020-2021، الذي كان فيه من ضمن أفضل 13% من مهاجمي الدوري حينها، وإن أردنا التركيز على تمريراته التي أدت إلى بعض تلك الفرص من لعب مفتوح، فقد كان من أفضل مهاجمي الليغا إن لم يكن أفضلهم في عدد من المواسم. (17)

في 2017، نُشر تقرير على مدونة “فن الكرة” (El Arte del Futbol) بعنوان “كريم بنزيما: العبقري الذي يُساء فهمه”، وقد يكون هذا عنوانا صالحا لمسيرة كريم كاملة. هذه هي علة كريم بنزيما، كما تحدَّث كاتب المدونة، وآندي براسيل من قبله؛ فالحُكم على كريم نابع من اعتباره مهاجما كلاسيكيا، وليس لاعبا يقوم بما هو أشمل من المهام التقليدية، هو اللاعب الذي يتحرك لمناطق متأخرة ليدفع فريقه بالكامل إلى الأمام، هو صانع اللعب الملزم بالتصرف بوصفه مهاجما كلاسيكيا في بعض الأحيان، فقط ليُحكم عليه على الأساس الأخير فقط. (18)

تعددت مواسم بنزيما المميزة خلال فترته في مدريد، ولم يؤدِّ بشكل سيئ إلا في مواسم بعينها واجه فيها بعض المشكلات. (الأناضول)

لم يكن يوما القطة التي تصطحبها معك إلى رحلات الصيد لأنك لا تمتلك كلبا، فلا توجد قطة تسجل 20 هدفا أو أكثر لريال مدريد في 11 موسما من ضمن 14 لعبها مع الفريق، وهو اللاعب الوحيد الذي حقق ذلك الإنجاز في تاريخ الميرنغي، وهو أول لاعب في التاريخ يسجل في 18 موسما متتاليا لدوري أبطال أوروبا. مفارقة عجيبة، أليس كذلك؟ “أعجوبة الموسمين” في ريال مدريد هو ثاني هدافي الفريق عبر التاريخ، وهو مَن حقق الأرقام القياسية المذكورة. (8) (19) (20)

ربما قد يتخيل البعض أن بنزيما كان يحتاج إلى أداء شبه مثالي مثل ما حدث في موسم 2021-2022، وإن تحرينا الصدق فإن مجادلة حجة كتلك تبدو صعبة، حتى تنتبه إلى عدد المواسم التي حقق بها كريم أرقاما مميزة، ولكن طغى عليها أداء لاعبين آخرين، كرونالدو مثلا، وإن تحرينا الدقة حقا، فسنجد أن بنزيما لم يؤدِّ جيدا في موسمين فقط خلال 14 موسما، بل على العكس، فقد تعددت مواسم كريم المميزة خلال فترته في مدريد، ولم يؤدِّ بشكل سيئ إلا في مواسم بعينها واجه فيها بعض المشكلات؛ مثل حاجزي اللغة والرهبة في أول مواسمه، وربما بعض الإرهاق هذا الموسم، الذي لعب فيه 3560 دقيقة في 42 مباراة (بمعدل 85 دقيقة لكل مباراة لعبها)، وهو أعلى معدل له مناصفة مع الموسم المنصرم. (17)

“لا أحب هذا النوع من كرة القدم، لكنها ستكون كذلك أكثر فأكثر. لقد أصبحت تتعلق فقط بالإحصائيات. عندما ألعب، أحاول احترام كرة القدم. على سبيل المثال، لا يمكنني التسديد إذا لم تكن زاوية التسديد مفتوحة إليّ في حين أن هناك زميلا في الفريق غير مراقب. سأقوم بتمرير الكرة إليه. لا أفكر بأن أسجل الهدف بنفسي. لدى كل شخص طريقته في مشاهدة كرة القدم، لكني أحاول السير في الاتجاه الصحيح. أحاول أن أجعل الآخرين أفضل”.

من مقابلة كريم بنزيما مع “فرانس فوتبول” (21)

ما بين الفاعلية وفتح المساحات، يقبع فرنسي ثائر، تمرد على تقاليد المجتمع الكروي، ولم يؤمن برؤية الدهماء للعبة، بل برؤيته، لأنه يؤمن أن كرة القدم ليست عرضا فرديا، بل جهد جماعي، وكل ما احتاج إليه الفرنسي الثائر يوما هو ألا يوصف بأعجوبة الموسمين، لأنه لم يكن يوما كذلك، بل كان أعجوبة فحسب.

___________________________________________________

المصادر:

  1. 51 حقيقة مسلم بها ولكنها خاطئة – Reader’s digest
  2. هل الخفافيش عمياء؟ – United States geological survey
  3. كيف تبني قصر الذاكرة؟ – Art of memory
  4. كريم بنزيما يحل ثانيا في ترتيب هدافي ريال مدريد التاريخيين – Mirror
  5. كريم بنزيما يتخطى راؤول في ترتيب هدافي ريال مدريد التاريخيين في عدد مباريات أقل – SNL24
  6. كريم بنزيما وصناعة مهاجما عالميا – The Athletic
  7. إحصائيات كريم بنزيما مع الأندية – Transfermarkt
  8. المراحل الأربعة لكريم بنزيما مع ريال مدريد – The Athletic
  9. مقارنة كريم بنزيما بنظرائه من المهاجمين – FBref
  10. إحصائيات كريم بنزيما التاريخية – Whoscored
  11. إحصائيات موسم 2015/2016 في الليغا – Understat
  12. معلومات مباراة جورجيا وفرنسا – Soccer way
  13. ما خطب كريم بنزيما – Whoscored
  14. إحصائيات كريم بنزيما – Understat
  15. تحليل آلان شيرر لكريم بنزيما – The Athletic
  16. إحصائيات روبرتو فيرمينو – Understat
  17. تقرير كريم بنزيما وإحصائياته – FBref
  18. العبقري الذي يساء فهمه – El Arte del Futbol
  19. بنزيما يسجل 20 هدفا للموسم الـ11 مع ريال مدريد – Fansided
  20. الأرقام التي كسرها بنزيما مع ريال مدريد – Foot the ball
  21. مقابلة كريم بنزيما مع فرانس فوتبول – Managing Madrid

اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post ضرب هجوم صاروخي روسي مدينة كريفي ريه ، مسقط رأس زيلينسكي ، وقتل 6 على الأقل
Next post واشنطن سترسلها لكييف.. هذه مخاطر قذائف اليورانيوم بيئياً وصحياً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading