إسلام آباد – بعد أيام من المشاورات بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته شهباز شريف، ورئيس المعارضة في البرلمان رجاء رياض أحمد، أُعلن اختيار أنوار الحق كاكار رئيسا مؤقتا للوزراء في باكستان، وذلك بعد حل البرلمان الوطني والحكومة الفدرالية تمهيدا للانتخابات العامة. ومن المُتوقع أن يؤدي اليمين الدستورية غدا الاثنين.
ووفقا للقانون والدستور الباكستاني، فإن الحكومة المؤقتة يتم اختيار رئيسها بالتشاور من أجل تسيير أمور البلاد خلال المدة القانونية بين حل البرلمان وانتخاب حكومة جديدة، ويكون من أهم مسؤولياتها مراقبة الانتخابات وضمان أن تكون حرة ونزيهة.
ولا تتجاوز مدة هذه الحكومة 60 إلى 90 يوما، لكن وزير الدفاع المقال خواجا آصف ووزير الداخلية رانا صنع الله لم يستبعدا أن تواجه الانتخابات تأخيرا بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. وقال مراقبون إن الحكومة المؤقتة يمكن أن تستمر على الأقل 6 أشهر.
كاكار.. النشأة والتعليم
هو سياسي باكستاني من مواليد عام 1971 في مدينة “مسلم باغ” التابعة لمنطقة “كيلا سيف الله” في إقليم بلوشستان جنوبي غربي البلاد، وينتمي لقبيلة كاكار من عرقية البشتون، التي تنتشر بشكل كبير في المناطق الغربية لباكستان والمحاذية لأفغانستان المجاورة.
تلقّى تعليمه الأساسي في مدرسة سانت فرانسيس بمدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان، ثم التحق بكلية “كاديت” في مدينة كوهات في إقليم خيبر بختونخوا شمالي غربي باكستان.
وحصل كاكار على درجة الماجستير في العلوم السياسية وعلم الاجتماع من جامعة بلوشستان الوطنية، وبدأ حياته المهنية بالتدريس في مسقط رأسه.
يعتبر كاكار من الخبراء في الجغرافيا السياسية بجنوب آسيا، وخاصة في العلاقات الباكستانية الأفغانية. كما أنه عضو زائر في هيئة التدريس بكلية القيادة والأركان في كويتا وجامعة الدفاع الوطني بإسلام آباد، حيث يُلقي محاضرات حول العلاقات الدولية والقضايا المتعلقة ببلوشستان.
مشواره السياسي
نشط كاكار في السياسة منذ عام 2008 عندما ترشح للبرلمان الوطني عن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح قائد أعظم)، لكنه خسر أمام مرشح حزب الشعب الباكستاني ناصر علي شاه.
بعد ذلك، انضم إلى حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف)، وشغل منصب المتحدث باسم نائب الرئيس سناء الله زهري لنحو 3 سنوات. كما أصبح متحدثا باسم حكومة إقليم بلوشستان بين عام 2015 و2017.
وينتمي أنوار الحق كاكار حاليا إلى حزب “بلوشستان عوامي”، الذي تم تأسيسه عام 2018، وهو من الأعضاء المؤسسين في الحزب، كما تم اختياره متحدثا باسمه في 2018. وشغل عضوية مجلس الشيوخ الباكستاني منذ انتخابات 2018 مرشحا مستقلا عن المقعد العام من بلوشستان.
ترأس كاكار “لجنة تنمية الموارد البشرية” و”لجنة الباكستانيين في الخارج” بمجلس الشيوخ، بالإضافة إلى عضويته في لجان أخرى في المجلس بما في ذلك اللجنة الاستشارية للأعمال، والمالية والإيرادات، والشؤون الخارجية، والعلوم والتكنولوجيا.
علاقته بالأحزاب الأخرى
قبل اختيار كاكار لرئاسة الوزراء في الحكومة المؤقتة، دار الحديث عن اختيار شخصية ذات خبرة في الاقتصاد والسياسة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتراجع الذي تشهده البلاد منذ أعوام.
ووفقا لصحيفة “نيوز أنترناشونال” الباكستانية، فإن أحزاب الحركة الديمقراطية شددت على ضرورة استمرار السياسات الاقتصادية خلال انتقال السلطة، ومنها المشاريع التي بدأها رئيس الوزراء المنتهية ولايته شهباز شريف. في حين قال حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف) وحزب الشعب الباكستاني إنه يمكن أيضا اختيار سياسي لهذا المنصب.
وكانت لكاكار وحزبه علاقات جيدة مع حزب “إنصاف” الباكستاني خلال فترة حكومته منذ 2018 حتى حجب الثقة عن زعيمه عمران خان في أبريل/نيسان 2022، وكان من بين الأشخاص الذين استشارهم خان في شؤون بلوشستان.
وكانت استشارة خان لكاكار وعلاقة حزب “بلوشستان عوامي” مع حزب “إنصاف” سببا لتوجيه حزب الرابطة (جناح نواز شريف) انتقادات في الغالب لحزب “بلوشستان عوامي”، لكن مع تغيير موقف الحزب واجه انتقادات مشابهة من حزب “إنصاف”، الذي أصبح خارج الحكومة.
ووفقا للصحيفة، قال كبير المذيعين الباكستانيين حامد مير لقناة “جيو نيوز” إنه “على الرغم من مشاركته في السياسة، فإن كاكار يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مثقف عظيم في البلاد”. وقال مير إن انتماءه لقبيلة كاكار ولعرقية البشتون جعله يمثل كلا من البشتون والبلوش.
وتابع مير أن كاكار يتمتع بعلاقات جيدة مع الأحزاب السياسية الرئيسية بما في ذلك حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وحزب الشعب الباكستاني.
اختيار غير متوقع
تقول صحيفة “دون” الباكستانية إن اختيار أنوار الحق كاكار ثامن رئيس وزراء مؤقت لباكستان جاء مفاجئا، بالنظر إلى ترشيحه المنخفض نسبيا وغير المتوقع لهذا المنصب.
وقال المحلل السياسي البارز حسن عسكري رضوي، لوكالة فرانس برس، إن كاكار عضو مجلس الشيوخ عن حزب بلوشستان عوامي “لديه مهمة سياسية محدودة وليس له وزن كبير في السياسة الباكستانية”.
وأضاف رضوي أن “العيب يتمثل في كونه سياسيا خفيف الوزن وقد يجد صعوبة في التعامل مع المشكلات التي سيواجهها دون دعم نشط من المؤسسة العسكرية”.
من ناحية أخرى، نقلت وكالة “بلومبيرغ” عن رضوي قوله إن الاختبار الحقيقي لكاكار سيكون ما إذا كان سيتبع نهج صندوق النقد الدولي ويجري انتخابات تشمل جميع الأحزاب السياسية.
بالمقابل، تقول الكاتبة والمحللة السياسية عاصمة ودود، للجزيرة نت، إن كاكار يُعد قريبا جدا من المؤسسة العسكرية، وفي الوقت نفسه يحظى باحترام من جميع الأحزاب بسبب رؤيته السياسية.
وتضيف ودود أنه من الصعب جدا توقع تأثير اختيار كاكار رئيسا مؤقتا للوزراء على الأجواء السياسية الحالية، حيث لا تزال حرية التعبير في البلاد معرضة للخطر، “لذلك من السابق لأوانه رفع الآمال في إنهاء حالة اليأس التي يعيشها الشعب”.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.