نشرت صحيفة “صن” (The Sun) البريطانية تقريرا مطولا عن انهيار شامل لقطاع كرة القدم في الصين، بعد أن شكلت قبل سنوات وجهة للاعبين بارزين كان يدفع لهم رواتب بملايين اليوروهات.
وأضاف تقرير الصحيفة البريطانية أن القيود القاسية التي فرضت بسبب تفشي جائحة “كوفيد-19” والاقتصاد المتعثر والتخطيط المتسارع حول الدوري الصيني الذي استقطب نجوما من أمثال الأرجنتيني كارلوس تيفيز والبرازيليين هالك وأوسكار إلى مقبرة من الملاعب المهجورة والنوادي المنهارة.
وبدأ حلم كرة القدم في الصين بخطة طموحة للرئيس شي جين بينغ الذي كان لديه أحلام كبيرة في أن تصبح بلاده قوة كروية عظمى بحلول عام 2050.
وفي مطلع القرن الـ21، حلمت الصين في اللعب بكأس العالم وأيضا استضافة البطولة واحتلال مركز متقدم في تصنيف “الفيفا” (ضمن أفضل 20 فريقا) وحتى تصبح في النهاية بطلة للعالم.
وخططت بكين أيضًا لبناء 50 ألف مدرسة متخصصة لكرة القدم في 7 سنوات، وإدخال 50 مليون تلميذ فيها لإنشاء جيل يشكل مستقبل كرة القدم في البلاد.
وسار الدوري الصيني الممتاز مع تطلعات الرئيس شي الجريئة، وسرعان ما أصبح أكبر المنفقين على التعاقد مع اللاعبين في نافذة الانتقالات الشتوية 2016-2017.
وجذبت البطولة الأنظار بالأجور الفلكية التي عرضت لاستقدام بعض أفضل لاعبي العالم، في محاولة لتحقيق الهدف المنشود.
واستثمرت مبلغًا ضخمًا بلغ 376 مليون يورو، من ضمنها 70 مليون يورو لنقل لاعب خط وسط تشيلسي أوسكار بعيدا عن الدوري الإنجليزي الممتاز إلى فريق “شنغهاي”.
وقال تشارلز كاردوزو وكيل لاعبين ورئيس نادي أغواس دي سانتا باربارا البرازيلي، للصحيفة إنه “في ذلك الوقت، كان توقيع أوسكار حلم العديد من لاعبي كرة القدم والوكلاء.. اعتقد الجميع أن الصين هي الشيء العظيم التالي الذي يحدث في كرة القدم”.
وتابع “كان جنونا مطلقا في سوق الانتقالات. أراد الجميع إرسال لاعبيهم إلى هناك لأن المال الوفير كان متوفرا”.
بدوره، انتقل النجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز من يوفنتوس إلى فريق “شنغهاي شينهوا” في عام 2016، بعقد وصل راتبه الأسبوعي فيه إلى 767 ألف يورو، أي أكثر من يورو واحد في الثانية.
ولكن هذا الصعود السريع قابله انهيار دراماتيكي وتلاشى التفاؤل في عام 2016 بالسرعة التي بدا بها تقريبًا.
وقال كاردوزو “اعتقد الجميع أنه سيكون منجم ذهب، لكنهم لم يخططوا بشكل جيد ولم يكن لديهم القدرة على إدارة كل شيء”.
وبعد أكثر من عقد من الزمان منذ أن أعلن شي عن حلمه، أصبحت البلاد الآن مقبرة للملاعب المهجورة وذكريات لما كان في السابق موطنا لأفضل اللاعبين في العالم من حيث الأجور.
وفشل المنتخب الوطني للرجال في التأهل لمونديال قطر وانخفض ترتيب الفريق في تصنيف الفيفا إلى المرتبة الـ78، وفشل فريق السيدات في اقتحام المراكز العشرة الأولى.
ففريق غوانغزهو إيفرغراند الفريق الأكثر نجاحًا في تاريخ الدوري الصيني الممتاز، تراكمت عليه ديون بقيمة 282 مليار يورو، مما أثار تساؤلات جدية حول مستقبل النادي.
كما ظهرت قصص عن لاعبين لم يتقاضوا أجرا منذ أشهر، حتى أن بعضهم يأخذون ملابسهم معهم إلى منازلهم، لتنظيفها في محاولة لتجنب أي فواتير أخرى.
وأنهيت أيضا عقود كبار لاعبي كرة القدم الأجانب مثل ريناتو أوغوستو وفرناندو مارتينز، وبعضهم قدم شكوى إلى “الفيفا” بشأن المدفوعات التي لم تصل أبدا.
ويعزو كاردوزو أسباب هذا الانهيار إلى أن “الصين نمت من دون بنية تحتية كبيرة وتنظيم مالي مناسب.. اعتقد الصينيون أن سوق كرة القدم بأكمله في البلاد سوف يسود بسبب الوضع المالي للصين ومن خلال وجود اقتصاد قوي على مستوى العالم”.
وتابع “هذا ليس كل ما يضمن النجاح في كرة القدم. هناك حاجة أيضا إلى إدارة وتخطيط مناسبين.. بدأت كرة القدم في الصين تتلقى الكثير من الاستثمارات، لكن بعد موسم واحد فقط توقفت بسبب غياب الرؤية”.
وختم أن “فكرة شي جين بينغ لم تكن سيئة، لكن المشكلة كانت تكمن في الأشخاص الذين نصحوه. بسبب التخطيط السيئ والافتقار إلى الرؤية والأزمة المالية والوباء، تبخرت كرة القدم عمليا من الصين”.
في غضون ذلك، استبعد كاردوزو أن تكرر المملكة العربية السعودية -التي أصبحت وجهة لأبرز اللاعبين في العالم حاليا- الأخطاء التي ارتكبتها الصين.
وأضاف أن “السعودية وجهة واعدة للنجوم، والسوق بدأت بالفعل في التحسن قبل التعاقد مع كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد في ديسمبر/كانون الأول الماضي”.
وكشف كاردوزو أنهم “سيقومون بعمل جيد بالتأكيد، ليس فقط لأنهم تمكنوا من إقامة علاقة رائعة مع كرة القدم، بل لأنهم أيضا يعرفون أين وكيف يستثمرون الأموال فيها”.
وتابع “انظر فقط إلى باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي، على سبيل المثال. على عكس الصين، لديهم إستراتيجية بالإضافة إلى القوة المالية.. أعتقد حقا أن الشرق الأوسط بالفعل الشيء الكبير في الوقت الحالي”.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.