مراسلو الجزيرة نت
طهران- على وقع الاتهامات المتبادلة بين واشنطن وطهران بالسعي لمضايقة السفن واحتجاز ناقلات النفط؛ أثار إعلان القيادة المركزية الأميركية وصول أكثر من 3 آلاف بحار وعنصر إضافي من مشاة البحرية إلى الشرق الأوسط حفيظة طهران التي هددت -بدورها- برد حازم على أي تصعيد بمياه الخليج.
ويأتي الإعلان عن توجه واشنطن نحو نشر جنود على متن سفن تجارية تسافر عبر مضيق هرمز “لوقف استيلاء إيران على السفن المدنية ومضايقتها”، وذلك بعد أيام فقط من مناورات بحرية نفذها الحرس الثوري الإيراني بمياه الخليج، التي جاءت ردا على مناورة تحالف الأمن البحري الدولي بعنوان “الدرع الحارس” قرب مضيق هرمز.
سياسيا، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن الوجود الأميركي في المنطقة يزعزع أمنها واستقرارها. في حين توعد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف “برد مماثل على أي تحركات استفزازية”، وهدّد بأن بلاده ستحتجز السفن الأميركية إذا احتجزت الأخيرة السفن الإيرانية.
عودة للمنطقة
ويرى مراقبون إيرانيون -في التحشيد الأميركي بالشرق الأوسط- دلالات ورسائل موجهة إلى أكثر من طرف في الإقليم وخارجه، إلا أنه يأتي على النقيض من التوجه الأميركي المتبع مؤخرا والقاضي بتقليص الحضور العسكري بالمنطقة.
وفي ذلك السياق، يوضح الأكاديمي الباحث في القضايا الجيوإستراتيجية فرزاد أحمدي أن الولايات المتحدة عملت منذ عام 2011 على تقليص حضورها العسكري في الشرق الأوسط والانتقال إلى شرق آسيا لاحتواء الصين، وأن قرارها الأخير يأتي في إطار العودة عن التوجه السابق.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى أحمدي أن رسائل تعزيز الحضور العسكري الأميركي في المنطقة موجهة إلى أطراف أخرى قبل طهران، مضيفا أن سلوك واشنطن حيال حلفائها بالخليج أحبط آمالهم، ولذلك فهي تسعى لترميم علاقاتها مع تلك الدول وطمأنتها بشأن الوقوف إلى جانبهم وضمان أمنهم.
مآرب انتخابية
من ناحيته، يرى السفير الإيراني السابق عبد الرضا فرجي راد أن المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بشأن الملف النووي وتبادل السجناء كانت محبطة، وأن التحشيد الأميركي يأتي لمنع طهران من رفع نسبة تخصيب اليورانيوم، لأن تقديرات واشنطن ترى في السلوك الإيراني خلال فترة المفاوضات محاولة لشراء الوقت.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد الدبلوماسي الإيراني السابق أن التوجه الأميركي للعودة إلى المنطقة مؤقت، ويهدف إلى وضع القوات الأميركية في حالة تأهب بذريعة حماية الملاحة البحرية لقيامها بتنفيذ خطط معدة مسبقا عند الحاجة.
وتابع أن وتيرة التقارب الصيني الخليجي تقلق الجانب الأميركي الذي لا يريد أن يتحول إلى القوة الثانية في المياه الخليجية، موضحا أن واشنطن تخشى استغلال بكين علاقاتها الاقتصادية لتنمية نشاطها العسكري في المنطقة الخليجية.
ويرى فرجي راد في عدم حسم الملف النووي الإيراني ونفوذ الصين في المنطقة الخليجية نقاطا سلبية سيعزف عليها الجمهوريون في المعترك الانتخابي الرئاسي العام المقبل؛ وبالتالي تحرك إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أساطيلها البحرية نحو الشرق الأوسط جاء لاستعراض عضلاتها أمام إيران والصين والجمهوريين على حد سواء.
موازنة القوی
وعما إذا كان التحشيد العسكري الأميركي سيدفع المياه الخليجية نحو المزيد من التصعيد، يستبعد فرجي راد حدوث احتكاك عسكري حقيقي بالمياه الخليجية بين إيران والولايات المتحدة؛ لأن ذلك يصب في مصلحة روسيا التي ترغب في توريط واشنطن في حرب جديدة لوقف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا.
ويضيف فرجي راد أن بلاده كانت واضحة في تعليقها على تعزيز الحضور الأميركي في المنطقة؛ إذ قال المتحدث باسم الحرس الثوري إن إيران ستقوم بتوقيف السفن الأميركية في حال أقدمت الأخيرة على توقيف السفن الإيرانية؛ مما يعني أنه لا احتكاك متوقعا إذا امتنعت واشنطن عن توقيف السفن الإيرانية.
في المقابل، يرى الباحث العسكري علي عبدي أن احتمالات الاحتكاك العسكري واردة جدا في ظل عزم الولايات المتحدة على نشر مشاة البحرية على متن السفن بمضيق هرمز، واصفا الخطوة الأميركية بأنها ردة فعل على تنامي قدرات بلاده العسكرية في المياه الخليجية.
ويقرأ الباحث الإيراني -في حديثه للجزيرة نت- القرار الأميركي على أنه يهدف إلى ردع الحرس الثوري الذي أضحى يمتلك اليد العليا في المنطقة -على حد قوله- موضحا أن واشنطن تريد جس نبض الجانب الإيراني من خلال الإعلان عن وصول سفينة هجوم برمائية إلى البحر الأحمر.
وتساءل عبدي: “ألم تعلم الولايات المتحدة أن عدد القوات الإيرانية المسلحة يفوق مليون عنصر؟” معتبرا التلويح بإمكانية رسو السفينة في الشواطئ الإيرانية “حربا نفسية”، واستبعد أن تقدم واشنطن على تقديم قواتها بالمنطقة قرابين للقوات الإيرانية، على حد تعبيره.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.