بالنسبة إلى كثيرين، يعد الإنجاب عملية طبيعية بسيطة تحدث من دون أي تدخل خارجي، إلا أن الحال لم تكن دائما كذلك على مدار التاريخ، ففي العصور القديمة، كان يُعتقد أن الإنجاب والخصوبة أمران مقدسان لا بد من ممارسة طقوس معينة وخدمة الآلهة لضمان تحققهما.
ففي القرن الـ18 الميلادي مثلا، كان يُعتقد أن العقم يُعالج بالأعشاب والأطعمة المعينة، في حين اعتقدت ثقافات، مثل مجتمع “باتاك” في إندونيسيا وبعض مناطق شرق آسيا، أن الحمل لا يحدث إلا عن طريق وضع الحبال السرية والمشيمة أسفل منزل النساء اللواتي يحاولن الإنجاب لتعزيز فرصهن.
الخصوبة والإنجاب بين الأمس واليوم
شهد القرن الـ20 اكتشاف هرمون الإستروجين والبروجسترون والتستوستيرون، وقد أسهم اكتشاف هذه الهرمونات والتقدم الهائل في العلوم على مدار القرن إلى ما تم التوصل إليه اليوم من تقدم في علم الخصوبة والإنجاب.
ففي العصر الحالي، تتمتع الأسر التي تطمح لإنجاب طفل بخيار الاستفادة من مجموعة متنوعة من العلاجات لمساعدتهم على الإنجاب مثل التلقيح الاصطناعي والحقن المجهري وغيرها.
لكن بالطبع لم تكن هذه العلاجات موجودة دوما، فقد استخدم القدماء مختلف الطرق والأساليب لفهم هذا المجال وتفسيره، ووصل الأمر بعديد من الثقافات إلى إرجاع الأمر إلى القوى الخارجية مثل السحر وغيرها.
نستعرض في ما يلي بعضا من أشهر الخرافات المتعلقة بالحمل والإنجاب والخصوبة التي اعتقدها القدماء قبل قرون:
1- براز الحيوانات لمنع الحمل
استخدمت كثير من النساء في مصر القديمة -قبل الميلاد بنحو 1800 عام- مكونا غير عاديا لمنع الحمل، وهو براز التماسيح، إذ كان يتم خلط براز الزواحف المنتشرة بطول نهر النيل قديما، بالعجين المخمر، وكانت النساء ترش الخليط على المنطقة الحساسة لمنع الحيوانات المنوية من الوصول إلى الرحم.
كذلك استخدمت الشعوب القديمة الأخرى في الهند والشرق الأوسط براز الأفيال لنوع مماثل من تحديد النسل.
2- حليب الرضاعة لزيادة فرص الإنجاب
تعود إحدى أغرب طرق تعزيز فرص الحمل التي اقترحها الأطباء ورجال الطب الشعبي القديم إلى القرن الرابع قبل الميلاد، عندما كتب الطبيب والفيلسوف اليوناني أبقراط مزايا تناول المرأة لحليب الأمهات من أجل تعزيز فرصهن في الإنجاب.
وأوضح -وفقا لما جاء في الوثائق التاريخية– فوائد إعطاء لبن الأم التي ولدت صبيا مؤخرا مع مزيج من زبدة نباتية معينة للسيدة التي ترغب في الإنجاب وهي صائمة.
وحسب قوله، إذا تقيأت الصائمة بعد شرب خليط حليب الأم والزبد، فهذا يعني أنها سوف تحمل.
3- مواد كيميائية سامة لتحديد النسل
شربت فئات معينة من النساء في إمبراطوريات الصين القديمة، واللاتي عادة ما كن من البغايا أو محظيات الإمبراطور أو أعضاء حزبه الحاكم، مزيجا من الرصاص والزئبق والزرنيخ، لتقليل خصوبتهن ومنع فرص حدوث الحمل.
ورغم احتمالية حدوث آثار جانبية خطيرة على الجسم من هذه المكونات، مثل الفشل الكلوي وتلف الدماغ أو حتى الموت، فإن النساء استهدفت شرب ما يكفي من هذه المواد الخطرة حتى لا يتمكن من الحمل، ولكن ليس بما يكفي للوقوع ضحية التسمم.
4- تمائم سحرية وطقوس لتحديد جنس المولود
لعبت التمائم والصلوات والطقوس الدينية أدوارا مهمة في مجال الخصوبة والإنجاب عبر التاريخ في مختلف الثقافات تقريبا، ومن بين إحدى أغرب طقوس الإنجاب وتحديد جنس المولود ما جاء في ورقة بحثية نشرتها جامعة كامبريدج البريطانية، وفيها خلاصة وافية للمعرفة الطبية والجراحية للطبيب الإنجليزي غيلبرت أنجليكوس تعود لمنتصف القرن الثالث عشر.
ووفقا لتجميعات طبية، يُعتقد أن الطبيب الإنجليزي نقلها عن ثقافات العصور الوسطى وما تمكن من ترجمته من اللاتينية القديمة، كتب في إحدى حواشي كتاباته ما يلي باعتباره “وصفة لا تفشل أبدا لضمان الإنجاب”:
“يجب على الرجل البالغ من العمر 20 عاما أو أكثر، في ساعة محددة بدقة (قد تكون مع اكتمال القمر) وفي أثناء تلاوة الصلاة الربانية للآلهة، أن يسحب من الأرض نباتين (هما السنفيتون والأقحوان) ويستخرج عصائرهما ويستخدم المزيج لكتابة كلمات محددة من سفر التكوين: (قال الرب: تكاثروا وتضاعفوا واملؤوا الأرض)، جنبا إلى جنب بعض الأسماء السحرية الأخرى، وتُربط الكتابة على تميمة يتم ارتداؤها في أثناء الجماع. إذا لبس الرجل هذه التميمة في أثناء العملية، فإن النتيجة ستكون حمل المرأة بمولود ذكر، أما إذا ارتدت المرأة التميمة في أثناء العملية، فستلد أنثى”.
5- تقديم القرابين البشرية لزيادة الخصوبة
تعود واحدة من أكثر علاجات الخصوبة فظاعة إلى الحضارات القديمة في إمبراطورية الأزتك في أميركا الجنوبية، إذ كانت تنطوي على تقديم أضحية بشرية لإلهة تدعى “شوكايكويتزل” (Xochiquetzal)، اعتقدوا أنها مسؤولة عن الخصوبة.
ومن أجل علاج النساء اللواتي يعانين مشاكل الخصوبة، اعتقدوا أنه يجب تقديم إحداهن قربانا للآلهة. فبعد اختيار فتاة عذراء، وتزويجها من محارب في مناسبة يتم فيها اعتبار العذراء هي الآلهة، والمحارب أحد أزواجها. و بعد مرور عام على هذه الطقوس التي تبدو لطيفة، ستتم التضحية بالفتاة العذراء ويُسلخ جلدها.
بعد ذلك، كان أحد كهنة الآلهة يرتدي الجلد بينما كان تلاميذ الآلهة يرقصون حوله ويسحبون نسبة ضئيلة من الدم من ألسنتهم كقربان إلى إلهة.
كانت الفكرة هي أن هذه الطقوس ستضمن استمرار منح هذه الآلهة بركات الخصوبة والولادة الصحية للمؤمنين بها.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.