الدوحة- شكّل معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته 32 تجمعا تفاعليا حيّا يجمع كافة الأطياف، ويلبي مختلف الاهتمامات بما في ذلك الطهي، ولقيت فكرة مسرح “الطهي الحي” التي استحدثها المعرض هذا العام لأول مرة نجاحا جماهيريا.
ويشهد هذا المسرح 28 عرضا حيا، بمشاركة 15 طاهيا وطاهية؛ من قطر وعرب وأجانب، وتنظمها “أكاديمية الطبخ” في قطر.
وتقول هناء الغايش (طبيبة أسنان تقيم في قطر) “عادة أحضر فعاليات الطهي الحي التي تقام أثناء مهرجان الطعام الذي يقام في الدوحة كل عام، كما أنني معتادة على حضور معرض الدوحة للكتاب كل عام أيضا”.
الطهي جزء من الثقافة
وتضيف الغابش في حديث للجزيرة نت أن “هذا العام لأول مرة تم دمج الطهي الحي مع باقي فعاليات معرض الكتاب، وهو ما يشير إلى أن الطهي جزء من الثقافة، مثل اللغة والأزياء والفنون المختلفة”.
وعبرت الغابش عن سعادتها لحضور فعاليات الطهي الحي، وقالت “أول مرة بالنسبة لي أحضر طهيا حيا يركز على تفاصيل المطبخ القطري، وما يتضمنه من توابل وأعشاب ودهون مستخدمة لإضفاء النكهة القطرية الخاصة، حتى لو كانت مشتركة مع باقي دول الخليج الأخرى. استمتعت كثيرا بالوصفات المختلفة التي قدمها الطهاة القطريون والعرب والأجانب، مما أعطى العرض الحي تنوعا واختلافا جميلا”.
ولفتت الغابش التي التقتها الجزيرة نت خلال إحدى فعاليات الطهي التي قدمتها الطاهية عائشة التميمي إلى أن “توقيع الكتب يعد من كلاسيكيات أي معرض كتاب، لأنه يعطي القارئ فرصة التعرف على المؤلف بشكل شخصي، ويخلق رابطة خاصة بينهما، والتعرف على مؤلفي كتب الطهي وحضور تقديمهم وصفاتهم بشكل حي فيه نوع من التشويق”.
الطعام إرث ثقافي
من جهتها، تحرص الطاهية القطرية عائشة التميمي على انتقاء أطباق تراثية قطرية، لتقديمها على منصة الطهي الحي، وقدمت “الفطور القطري”، وطبق “الأرز المشخول مع الروبيان”.
وتضفي التميمي (وهي خبيرة طبخ و”إتيكيت”) بصمتها الخاصة على الطبق، من خلال إضافات بسيطة تعزز نكهته، ولا تغير الطعم الذي درجت على طبخه الأمهات والجدات، كما أنها -وبتلقائية- تقدم الكثير من المعلومات عن تقنيات الطبخ، وفوائد ووظائف البهارات والمواد التي تستخدمها في طهي الأطباق، في حين يقوم مقدم فعاليات الطهي سعود شفيع من وزارة الثقافة بترجمتها إلى اللغة الإنجليزية.
وتعمد التميمي -وهي معدة ومقدمة برامج طبخ ومؤلفة سلسلة موائد- إلى طرح أسئلة تتعلق بالطبق الذي تقدمه، وتحرص على انتقاء الفتيان والفتيات لتقديم الإجابة على أسئلتها، وذلك لتشجيع الأجيال الجديدة على مساعدة أمهاتهم في الطبخ، والتعرف على فنون الطهي أيضا.
موائد قطرية شعبية
تقول التميمي للجزيرة نت “المطبخ ليس طبقا وطعاما فحسب، بل هو موروث اجتماعي يزخر بالتجارب الحياتية المستلهمة من الجدات والأمهات وكبيرات السن، اللاتي ينقلن الأطباق التراثية للأجيال والنشء من الفتيات والأجيال المعاصرة”.
ووقعت التميمي كتابها “موائد قطرية شعبية” لرواد المعرض، ويشتمل على 59 صنفا من الأطباق القطرية باللغتين العربية والإنجليزية، منها وصفات للقهوة القطرية، وشوربات وسلطات ومقبلات، وأطباق خفيفة، ومخبوزات، وأطباق رئيسية، وحلويات، والسمن القطري.
نكهات محلية وعالمية
من جهتها، أشادت المديرة الإدارية لأكاديمية الطبخ في قطر سارة سبطة بتخصيص مساحة خاصة لركن “الطهي الحي”، والاهتمام بمؤلفي كتب الطهي، وربطهم بتطبيق وصفاتهم للمأكولات بصورة مباشرة أمام جمهور المعرض.
وذكرت أن الطهاة المشاركين هم: من قطر؛ عائشة التميمي، وحياة البحر، وحمد الهاجري، ومحمد جاسم رجب، وكلثم إبراهيم، وخالد إبراهيم، ويقدمون الطعام القطري. في حين تقدم القطرية العنود الكواري طعاما متنوعا.
ومن تركيا؛ زهرة نوكات (كيك)، ومن السعودية محمد بوجبارة (حلويات)، من إيران شيرين محمد (حلويات)، ومن إيطاليا كلاوديو (طعام إيطالي)، ومن لبنان ستيفاني المصري (طعام متنوع)، ومن الهند جولي (أكل هندي)، ومن كازاخستان إيغريم (أكل عالمي)، ومن تونس محمد الشطي (بيتزا إيطالية).
وتقول الطاهية حياة البحر -التي قدمت الأرز الملون مع دجاج ولقيمات وبسبوسة- للجزيرة نت “وجود ركن الطهي الحي تجربة جريئة وجديدة وفكرة جميلة لجذب المهتمين بالطبخ للحضور، وبالنسبة لي فإن هذه أول مرة أقوم بتجربة الطهي الحي أمام الجمهور، مع العلم أنني شاركت في كثير من البرامج المباشرة في التلفزيون”.
بدورها، شاركت الطاهية شيرين محمد بـ3 وصفات: مادلين الفرنسية مع نكهة الزعفران، وفينانسير التشوكليت، وتشيزكيك سبستيان.
وتقول للجزيرة نت “تعلمت الكثير من الخبرات، كما تعرفت على أناس وثقافات جديدة لأن معرض الكتب ملتقى المثقفين، وأتمنى أن تتواصل التجربة في معارض قادمة، خاصة أن الجمهور استمتع جدا بفعاليات مسرح الطهي”.
أما الطاهي محمد علي بوجبارة من السعودية، فاشترك بـ3 وصفات: دبل تشوكليت كوكيز، وتيراميسو، وبراونيز. وقال “مشاركتي تجربة جديدة لي خارج السعودية، واستفدت منها، خاصة أنها المرة الأولى التي أقدم فيها حلوياتي للجمهور مباشرة.
وأضاف في حديث للجزيرة نت “رأيت حجم تفاعل الجمهور واستطعت الإجابة عن أسئلتهم. صراحة حجم الحضور والتفاعل كان غير متوقع”.
هكذا ولدت أكاديمية الطبخ
وجاء تنظيم أكاديمية الطبخ لركن الطهي الحي “بدعوة من وزارة الثقافة القطرية التي وثقت بخبرتنا، ورغبت في نقلها لرواد معرض الكتاب 32″، حسب تصريح مؤسس الأكاديمية محمد أحمد عبد الملك للجزيرة نت.
وأضاف عبد الملك أن تأسيس أكاديمية الطبخ في قطر عام 2018 جاء بهدف تغيير ثقافة الطعام وتعليم الطهي بشكل تعليمي ترفيهي، “خاصة أن الطعام قد يكون أهم من الهندسة أو التكنولوجيا، فهو الغذاء اليومي لنا ولأولادنا، لهذا من المهم معرفة ماذا نأكل؟ وكيف نأكل؟ وقبل ذلك كيف نطبخ بشكل صحي؟
وعن شغفه بالطهي -خاصة أنه درس الهندسة- فإنه يستذكر عندما كان في الخامسة من عمره، وخلال أحد أيام شهر رمضان أراد أن يفطر، وأخبر والدته بذلك، إلا أنها قالت له سأعلمك كيف تجهز فطائر “السمبوسة” وسترى كيف يمر وقت الصيام بسرعة.
ويضيف “فعلا حضرت لي كل ما يلزم، وبدأت أحشوها، وجهزت أكثر من 100 حبة، وأكملت صيامي”.
وقال عبد الملك “منذ مرحلة الطفولة وبحكم مشاركة والدتي الطاهية عائشة التميمي في المحافل المحلية والدولية، كنت قريبا منها في كثير من هذه الأعمال، ونظمنا إكسبو ميلان الذي كان أكبر معرض للمأكولات، كما نفذنا عمل بيت قطري في ريو دي جانيرو في الألعاب الأولمبية في البرازيل”.
ويستطرد “اليوم الطاهية عائشة من أهم أعمدة الأكاديمية، التي تسعى للحفاظ على الموروث الشعبي من الأطباق القطرية وتقديمها للعالمية، وتعليم الطبخ لمختلف الفئات، بما فيهم الأطفال”.
تعزيز علاقة الأسرة بالكتاب
يذكر أن المعرض يقام بمركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات، تحت شعار “بالقراءة نرتقي” من 12 إلى 21 يونيو/حزيران 2023، وأصبح حدثا ثقافيا يكرس دوره الأساسي في تعزيز وإثراء علاقة أفراد الأسرة بالكتاب.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.