نعت الأوساط الفنية والثقافية في العراق الفنان والمخرج والباحث المسرحي العراقي محسن العزاوي الذي توفي صباح الأحد بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 84 عاما، تاركا خلفه إرثا فنيا كبيرا.
وتحدث عدد من الفنانين العراقيين الذين واكبوا المسيرة الفنية للعزاوي وشاركوه الأعمال التي قدمها للمسرح وللتلفزيون والسينما على امتداد 60 عاما ممثلا ومخرجا منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي.
نقابة الفنانين العراقيين قالت إن خسارة المبدعين لا يمكن تعويضها، وعدّت العزاوي من قامات وعمالقة الفن العراقي الأصيل، وأشارت إلى أن رحيله شكل صدمة للوسط الفني العراقي والعربي.
وقال نقيب الفنانين جبار جودي للجزيرة نت إن “الفنان الراحل قامة من قامات المسرح والسينما والتلفزيون في العراق، قدم أعمالا فائقة الجمال والجودة، وأبدع في عشرات المسلسلات”.
ومحسن أحمد العزاوي من مواليد أبريل/نيسان 1939 في محافظة ذي قار جنوبي العراق، حيث نشأ في عائلة متوسطة الدخل، تخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1960، ثم تخرج من أكاديمية الفنون الدرامية والموسيقية من جامعة براغ (تشيكوسلوفاكيا سابقا) عام 1966، ثم عين مدرسا في معهد الفنون الجميلة، قبل أن ينتدب لتدريس مادة الثقافة العامة في السعودية عام 1968.
وبدأ العزاوي مشواره الفني مخرجا عام 1958 بمسرحية “زنزانة رقم 16” من تأليف الراحل عزيز عبد الصاحب، وكانت نقطة انطلاق لمسيرة حافلة قدم خلالها أكثر من 60 عملا مسرحيا.
الحرفية العالية
من ناحيتها، تقول الفنانة سناء عبد الرحمن إن الراحل محسن العزاوي من الرواد، وله بصمة خاصة به، ورفد الساحة الفنية بأعمال متميزة -مخرجا وممثلا- جسد خلالها الأدوار التي أسندت إليه بحرفية عالية، واعتبرته أفضل من قاد إدارة الفرقة القومية للتمثيل، التي شهدت سنوات إدارته العصر الذهبي للفرقة لما كان لديه من حكمة وانضباط وجراءة في اختيار النصوص، وفق تقديرها.
وتشير سناء عبد الرحمن -في حديث للجزيرة نت- إلى أنها كانت من بين عدد من خريجي أكاديمية الفنون الجميلة ومعهد الفنون الذين استقطبهم الفنان الراحل، وأسهم في نجوميتهم بالمسرح خاصة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
أما الفنان محمد حسين عبد الرحيم فيصف الراحل العزاوي بصاحب التاريخ الحافل بالعطاء، وقال للجزيرة نت إن “أعماله ستظل خالدة في ذاكرة العراقيين، وإن رحل عن عالمنا”.
ومن أصدقاء الراحل المقربين الصحفي والكاتب علي حسين، الذي وصف العزاوي بالإنسان والفنان الذي قدم لجمهوره الجمال ورائحة هموم الناس، وقال حسين -للجزيرة نت- إن الفنان الراحل ظل على مدى عمره الفني يسعى إلى مسرح مختلف، بغايات وأهداف اجتماعية، دون أن يتحول إلى منبر دعاية حتى لا يفقد وظيفته الحقيقية، لأن المسرح بالنسبة له مدعاة للألم والفرح، وهو كان يعيش من خلاله صراعا دائما مع العالم الذي تستدعيه مخيلته، فهو يريد مسرحا يقدم التفاصيل الصغيرة التي تمنحنا الأفكار مثلما تمنحنا المتعة.
وكان العزاوي أصدر كتابه “الرهان على الزمان” عام 2017، وهو سيرة ذاتية تناول فيها حياته الفنية بفصول ومشاهد، وكذلك أصدر قبله عديدا من الكتب النقدية، منها “إشكالية السينوغرافيا في المسرح” و”البداية والآفاق” و”المسرح وعلاقاته المجتمعية” و”دور المرأة في المسرح العراقي”.
إبداع في الإخراج والتمثيل
ومن جهته، يرى الناقد السينمائي مهدي عباس -في حديث للجزيرة نت- أن الفنان الراحل أبدع في الإخراج والتمثيل معا، وقدم أعمالا ناجحة فنيا وجماهيريا، خاصة في مجال المسرح والدراما، وكذلك في السينما، لافتا إلى أن للعزاوي أعمالا عربية، ومنها مشاركته في الفيلم السعودي “صباح الليل” الذي أنتج عام 2008.
وتولى العزاوي -وهو عضو نقابة الفنانين العراقيين- عديدا من المناصب، منها مدير الفرقة القومية للتمثيل بين عامي 1975 و1982، ثم أصبح مديرا للفرقة القومية للفنون الشعبية بين 1987-1991، ومديرا ومشرفا فنيا لمهرجان بابل الدولي من 1987 ولفترة 10 دورات متتالية، وبعدها تولى منصب مدير مفوض لشركة بابل للإنتاج السينمائي والتلفزيوني.
كما شارك في عديد من المهرجانات والمؤتمرات العربية والدولية، ومن أبرزها مهرجان دمشق للفنون المسرحية، ومهرجان القاهرة الدولي، ومهرجان المسرح الأردني، ومهرجان ملتقى صقر الرشود في الكويت، ومهرجان القاهرة التجريبي الرابع عشر، ومهرجان مسرح الطفل في الأردن، ومهرجان قرطاج المسرحي، ومهرجان مسرح الطفل في ليبيا.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.