واشنطن- في تصريح مثير، يقول مسؤول بالحزب الديمقراطي الأميركي إن حزبه “أقل ديمقراطية من الحزب الجمهوري. ولهذا السبب تمكن ترامب من الترشح والفوز في انتخابات 2016 رغم أنه غير جمهوري بالأساس. ولا يمكن أن يحدث سيناريو مماثل داخل المعسكر الديمقراطي الصارم في قيوده وآلياته..”.
ويضيف المسؤول الديمقراطي في حديث للجزيرة نت “لم ينقلب أحد ضد قيادة نانسي بيلوسي في مجلس النواب لسنوات طويلة، بعكس ما يحدث في الجانب الجمهوري الذي يغير قيادته باستمرار. فخليفة بيلوسي حكيم جيفريز، لم ينافسه أحد، ولم يتجرأ أي نائب ديمقراطي على رفضه، وهو الحال مع ترشح بايدن الرئاسي، لا يجرؤ أحد على الخروج عن النص الحزبي”.
وتفسر كلمات المسؤول الحزبي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، هو عزوف الكثير من القيادات الديمقراطية التي لديها طموح رئاسي في الترشح للانتخابات التمهيدية، أو إعلان تحديها للرئيس جو بايدن؛ فحاكم ولاية كاليفورنيا جيفين نيوسوم، وحاكمة ولاية ميتشيغان جريتشين وايتمار، أو جاك شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا، لديهم طموحات رئاسية لا تخفى على أي متابع للحياة السياسة الأميركية، إلا أنهم يبتعدون بأنفسهم عن مواجهة بايدن، وينتظرون خروجه من الساحة السياسية.
وفي حين يبدو الرئيس السابق دونالد ترامب المرشح الأوفر حظا حاليا في السباق التمهيدي الجمهوري، تُمثّل قوة ترامب داخل المعسكر الجمهوري الأساس المنطقي لحملة بايدن الانتخابية لفترة حكم ثانية. وكما كان الحال في انتخابات 2020 تؤمن مؤسسة الحزب الديمقراطي بأن بايدن هو أفضل رهان لديها لمنع سلفه من الفوز بولاية ثانية ستكون بالتأكيد أكثر تطرفا من الأولى.
تهديدات هنا وهناك
نادرا ما يُقدِم مرشحون أقوياء على تحدي الرئيس الحالي حال عزمه الترشح لفترة حكم ثانية. ولا يعد بايدن استثناء في هذا المجال، لكن لا يخلو الأمر من بعض المعارضة من شخصيات ديمقراطية من خارج المؤسسة الرسمية للحزب.
ويعد بايدن، البالغ من العمر 80 عاما، أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يواجه تساؤلات حول عمره خلال الحملة الانتخابية، وسيصبح في الـ86 عاما بعد الانتهاء من فترة ولاية ثانية كاملة عام 2029.
ورغم القلق الكبير من عمره وافتقاده أحيانا اللياقة الذهنية اللازمة لممارسة مهامه الرئاسية، وهو ما يقلق جانب كبير من الديمقراطيين، لم يتقدم أحد لمنافسة الرئيس بايدن.
وتصور بعض المعلقين أن تدهور شعبية بايدن، ووصولها لما دون 40% بين الأميركيين قد يكون كفيلا بعدم ترشحه، أو دافعا لترشح أحد من داخل المؤسسة الديمقراطية، واقتصر تحدي بايدن حتى الآن على الكاتبة ماريان ويليامسون، والناشط المناهض للقاحات روبرت كينيدي جونيور.
ويشير أحدث استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك، وصدر الأربعاء الماضي، إلى أن 71% من الناخبين الديمقراطيين الذين شملهم الاستطلاع يدعمون بايدن في الانتخابات التمهيدية، مع حصول جونيور على 14% وويليامسون على 7% فقط.
الرئيس بايدن يُسلم السناتور “جو مانشين” القلم الذي استخدمه للتوقيع على قانون خفض التضخم. pic.twitter.com/smVUiJE83V
— الأحداث الأمريكية?? (@US_World1) August 17, 2022
كابوس جو مانشين
ومثّل ظهور السيناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا الغربية جو مانشين، في فعالية بولاية نيو هامبشاير قبل أيام مخاوف كبيرة داخل المعسكر الديمقراطي.
ونظمت الفعالية مجموعة تسمى “نو ليبلز” (No Labels)، وهي مجموعة وسطية تهدد بطرح وتمويل بطاقة ترشح رئاسية ثالثة حال اقتصار السباق على ترشيح جو بايدن ودونالد ترامب. وتعتمد المنظمة على رفض أكثر من نصف الأميركيين -وفق ما تشير مختلف الاستطلاعات- اقتصار الاختيار على بايدن وترامب في سباق الرئاسية 2024.
وتؤمن المنظمة أن الحزبين الرئيسيين أصبحا متطرفين بشكل متزايد بسبب مواقف وسياسات بايدن اليسارية وسياسات ترامب اليمينية. وأطلقت المنظمة مواقف وسطية بشأن قضايا الهجرة والرعاية الصحية والسيطرة على الأسلحة والاقتصاد وغيرها من القضايا التي تعتقد أن ترامب وبايدن يتجاهلانها.
ويتخوّف الديمقراطيون من أن وجود مرشح ثالث قوي وديمقراطي من شأنه تسليم البيت الأبيض لدونالد ترامب، خاصة أن نتيجة السباق الرئاسي تحددها عدة آلاف من الأصوات فقط في عدد من الولايات المتأرجحة.
ولا يُعد جو مانشين سياسيا ديمقراطيا تقليديا، إذ يصف نفسه بأنه “ديمقراطي محافظ معتدل”، وغالبا ما يُستشهد به على أنه أكثر الديمقراطيين تحفظا في مجلس الشيوخ وذلك بسبب طبيعته الشخصية وطبيعة ولايته المحافظة. ومن هنا لا تثق به المؤسسة الديمقراطية.
ويملك مانشين سجلا متمردا على مواقف الحزب؛ ففي العام الماضي، على سبيل المثال، أجبر رفض مانشين الحزب الديمقراطي على تعديل تشريعات المناخ والضرائب والأمان الاجتماعي التي عرضها الرئيس جو بايدن، كما دفعه إلى تقليص وإعادة التفاوض على جزء كبير من أجندته المحلية.
وتهرّب مانشين من الرد على سؤال حول طموحاته الرئاسية، ورفض أن يؤكد أو ينكر أن ظهوره لا علاقة له بأي ترشح رئاسي مستقبلي، وقال “لا أستبعد أبدا أي شيء”.
أكبر سنّا
أصبح بايدن أكبر سنا مقارنة بانتخابات 2020 حين كان الكثير من الناخبين يعبرون بالفعل عن قلقهم بشأن عمره وقدراته الذهنية، ومن المؤكد أن مرور 4 سنوات لم يجعله أكثر نشاطا وحيوية، كما أن تكرار ميله إلى الزلات والتلعثم لم يساعد على تحسين صورته.
ومن حسن حظ بايدن في انتخابات 2020، أن القضية الأولى لأغلب الناخبين كانت احتواء وباء “كوفيد-19” والتعافي منه. ولكن لم يعد هذا هو الحال اليوم بالنسبة لمعظم الأميركيين الذين يهتمون بالتضخم وارتفاع الأسعار والاقتصاد بصفة عامة.
وعام 2020 استغل بايدن فيروس “كوفيد-19” للتهرب من الظهور في مؤتمرات انتخابية حاشدة، وشن حملته الانتخابية عن طريق الظهور الافتراضي من منزله.
واستغل كذلك استجابة ترامب الفوضوية لانتشار الفيروس لتصوير نفسه على أنه رجل سياسة متوازن يتبع مشورة الخبراء. وفي انتخابات 2024 سيحكم الناخبون على سجل حكم بايدن، وسيطالب الرأي العام الأميركي بظهور وتفاعل بايدن في حملته الانتخابية ومواجهة ترامب على الأرض.
اكتشاف المزيد من صحيفة 24 ساعة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.